القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة طبية للمراحل الوقائية والعلاجية، القبلية و البعدية لمساطر صعوبات المقاولة وفق القانون 73.17


قراءة طبية للمراحل الوقائية والعلاجية،

 القبلية و البعدية  لمساطر صعوبات المقاولة

 وفق القانون 73.17


  فخصي معاذ    

طالب باحث بسلك ماستر القانون المدني والتجاري

(تخصص قانون الأعمال)

كلية الحقوق بالدار البيضاء



         تطور علم الطب وتطور تزامنا معه علم القانون، وأصبحت التشريعات تشرق بذورها في نظرة تشريعية مستوحاة من العديد من المجالات، مستخدمة في خلفيتها العديد من الاختصاصات والعلوم. ففي زمن كان الطب فيه ليس كما هو عليه الحال الآن، وكان المرض الفتاك مصيره الموت لامحاله، كانت وقتها المقاولات المتوقفة عن دفع ديونها، مصيرها مصير المرض الفتاك، في إطار ما كان يعرف بنظام الافلاس، فتغل يد المدين ويحجز على مقاولته وأموالها لتلفظ أنفاسها وتفقد وجودها.

تطور الطب وظهرت أنواع جديدة من الأدوية الصالحة لعلاج أمراض فتاكة كانت في الماضي إعلانا على الموت القبلي للإنسان، والإسراع للعبادة لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. وتطورت مع ذلك نظرة المشرع للمرض الفتاك الذي قد يصيب المقاولة ويجعلها مختلة بشكل لا رجعة فيه، فأصبحت لمشرعنا نظرة طبية وقائية وعلاجية لهذا لمرض، خلفيتها فلسفة علمية دقيقة. فجاء بمساطر قبلية تقي من هذا المرض الفتاك وبعدية تعالجهونهائية تساير موت المقاولة وانقضاءها.
هذا المرض الفتاك يتمثل في توقف المقاولة عن دفع ديونها، أما الوقاية منه فتتمثل في الوقاية الداخلية من خلال محاولة داخلية ودية للجسم مع نفسه إيجاد حل يفي بالغرض، ليتدخل بعد الفشل حكيم الجسم ورقيبه المتمثل في رئيس المحكمة لإيجاد حل وتعيين وكيل خاص في إطار ما يسمى بالوقاية الخارجية، أما المصالحة فهي محاولة من هذا الحكيم الرقيب لإيجاد حل وقائي لإخراج الجسم من ملامح الوصول للمرض الفتاك، فيعين مصالحا مهمته إيجاد حل ودي مع الأعضاء الجسمية التي تضررت من وضعية الجسم وقد تزيد في تفاقم الداء، وأتحدث هنا عن الدائنين، لننتقل في حالة الفشل إلى مسطرة الانقاذ كأبرز مستجد جاء به القانون 73.17، التي يتم فيها إعداد الحل واختياره من طرف رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رغبة منهم في إنقاد ما يمكن إنقاده ونحن على مشارف السقوط في المرض الفتاك. كلها مساطر وقائية جاء بها المشرع لوقاية المقاولة من مرض التوقف عن الدفع، فالوقاية خير من العلاج.

أما وإن قدر الله قدره، وكتب الباس على الناس، فسقط الجسم في المرض الفتاك، وسقطت المقاولة في التوقف عن دفع ديونها بمفهومه الحديث الذي كرسه القانون 73.17، فإننا والحالة هذه نكون مضطريين إلى إدخال الجسم المصاب إلى غرفة العمليات لنعالجه ونجد حلا طبيا لمرضه، وذلك عبر ذوي الخبرة و الاختصاص، وهم طاقم طبي يتميز بالتنوع في الاختصاص، من سنديك و قاضي منتدب ومحكمة وأي خبير يمكنه مساعدتنا للإيجاد حل ووصفة طبية تفي بالغرض، وتشفي آلام الجسم المقاولتي الناتجة من مرض التوقف عن الدفع. لكن ذلك ليس بالهين، لأن الخطير في هذا النوع من الداء هو أنه يحتمل حلين طبيين لا ثالث لهما، وصفتين طبيتين يعد ذوي الاختصاص تقريرا لاختيار واحدة منهما، الأولى تتمثل في وصفة مخطط الاستمرارية، أما الثانية فتتمثل في وصفة مخطط التفويت، فتعد الوصفتيين ويختار أحدهما، فإن كللت بالنجاح استعاد الجسم عافيته، أما وإن لم تكلل بالفشل إما بسلوكها وعدم نجاعتها، أو في أن وضعية الجسم المقاولتي كانت مختلة بشكل را رجعة فيه، وكان المرض الفتاك فتاكا بمعناه اللغوي و الاصطلاحي، فلا محيد لنا من الوصول لموت هذا الجسم وانتهاء صلاحيته، فتغل يد المدين وتسقط صلاحيته في التسييير و الادارة والتصرف، فيموت الجسم وتموت معه المقاولة بالتبعية ليجتمع الناس لعزاءها منهم من يتأسف لفراقها والحديث هنا عن أصحاب المصالح فيها، ومنهم من يتساءل عن وضعيته بعد موتها، والحديث هنا عن الأجراء فيها، ومنهم من يتلذذ في اقتسام أموالها كإرث لهم بوصفهم دائنين لها، ومنهم من يتمتع بالأثمنة المناسبة للمزاد العلني الواقع على أموالها لينطبق عليهم المثل القائل " مصائب قوم عند قوم فوائدُ ".

هي محاولة متواضعة في المرور بشكل عام ومقتضب على أهم المراحل التي تمر منها المقاولة في إطار مساطر الوقاية والمعالجة لصعوبات المقاولة  بنظرة طبية وبعد وقائي وعلاجي خروجا عن ماهو تقتي من جهة ونظري من جهة أخرى مع الاشارة إلا أن هذه المراحل قد تم المرورعليها بشكل عام وسطحي وعابر للفهم الأولي العام لهذه المساطر، ثم بعد ذلك التعمق والوقوف على دلالاتها بدقة و تعمق.

تعليقات