القائمة الرئيسية

الصفحات

الحكامة القضائية وتأهيل الإدارة القضائية



الحكامة القضائية وتأهيل الإدارة القضائية

من اعداد الطالب : عبدالوهاب لمحمدي

طالب باحث بسلك الماستر

ماستر العقود والأعمال جامعة ابن زهر

         يعد مفهوم الحكامة من المفاهيم الجديدة التي أحدثت ثورة على عدة مستويات ( قضائية، اقتصادية، اجتماعية، تنموية...)، وقد تعزز هذا المفهوم من خلال الأهمية الي إستقاها من الدستور، وحرص جلالة الملك بتضمينه في عدة خطابات في إطار الإصلاح الذي يعد قاطرة للنهوض بمختلف القطاعات (منها القضائية). وتعتبر الحكامة اهم مرتكزات تدبير الشأن العام وطنيا ومحليا، نظرا للمبادئ والأسس التي تقوم عليها مثل الشفافية والمساواة والمشاركة والمحاسبة، ونص الدستور المغربي لسنة 2011 على الحكامة في ديباجته وفي الباب الثاني عشر منه، ويتجلى مفهوم الحكامة القضائية في تحمل الشأن القضائي بكل مسؤولية من طرف مسيرين مؤهلين في اطار تنظيم هيكلي محكم وشفاف يتمثل في الإستعمال الأمثل للموارد بهدف تقديم خدمة عمومية للمواطن ويقترن بالمساءلة والمحاسبة، وعليه فان الدستور يحدد المبادئ العامة للحكامة الجيدة للإدارة القضائية ودلك من خلال :
.المساواة بين المواطنين والمواطنات في الولوج الى المرفق العمومي
.2 الانصاف في تغطية التراب الوطني
.3 الاستمرارية في اداء الخدمات
.4 الجودة والشفافية والنزاهة
.5 المراقبة والتقييم
.6 المحاسبة والمسؤولية
.7 احترام القانون والحياد
.8 المصلحة العامة.

      تعد النقاط أعلاه اهم مبادئ الحكامة الجيدة للادارة القضائية، حيث ان تنظيم الحكامة بالأساس يهدف الى التسيير والتدبير الفعال للإدارة القضائية، فالى اي حد يمكن اعتبار الادارة القضائية المغربية تخضع لمعايير الحكامة الجيدة ؟.هده الاشكالية تدفعنا للتساؤل اولا عن واقع الحكامة القضائية ؟ وثانيا ماهي الاليات والمقترحات الكفيلة بتفعيل حكامة جيدة للادارة القضائية ؟. هدا ما سنحاول الاجابة عليه من خلال مطلبين:
المطلب الاول : واقع الحكامة القضائية بالمغرب.
المطلب الثاني : مقترحات لتفعيل حكامة جيدة للادارة القضائية.


المطلب الاول: واقع الحكامة القضائية بالمغرب
الحكامة القضائية من بين الضروريات في دولة الحق والقانون، وذلك لارتباطها بحقوق الأفراد المتقاضين من جهة، وارتباطها بإستراتيجية الإصلاح من جهة أخرى، يمكن تصنيف مظاهر الحكامة القضائية في فقرتين :

الفقرة الأولى :على مستوى التنظيم والتدبير 
.
يلاحظ ان هناك تمركزا اداريا على مختلف المستويات تصاحبه أسس تنظيمية واجرائية تسعى لمواكبة المتطلبات الحداثية ، فالبرجوع الى اختصاصات وتنظيم وزارة العدل نجد ان إدارتها تتسم بالتنسيق بين وحداتها وتوازنها ، كما ان التنظيم الاداري لوزارة العدل رغم إتسامه بالتقاطع والازدواجية في الاختصاصات - المصالح الأقسام - بسبب تعدد المتدخلين إلا أن هذا التداخل سيعزز المردودية الإدارية بشكل حتمي . بالاضافة الى شبه وضوح هيكلة المديريات الفرعية وتمركز الاختصاصات لدى المدير للمديريات الفرعية ، أما على مستوى تدبير المحاكم يبلغ عدد محاكم المملكة 110 محكمة و178 مركز قاضي مقيم ، ويعد الجمع بين المهام الإدارية والقضايئة من بين الصفات التي كانت تلازم الإدارة القضائية رغم التراجع في هذا الجمع في السنوات الأخيرة إستجابتا للإصلاحات القضائية لسنة 2011 وذلك منذ إعلان جلالة الملك محمد السادس في خطابه بتاريخ 20 غشت 2009 بمدينة تطوان بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب قراره القاضي بالإصلاح الشامل والعميق للقضاء وبمنظور جديد بقوله " قررنا اعطاء دفعة قوية وجديدة لإصلاح القضاء لأهمية القضاء في ترسيخ قوى الديمقراطية والمواطنة إننا نعتبر الإصلاح الجوهري للقضاء حجر الزاوية في ترسيخ الديمقراطية والمواطنة لدى شبابنا وأجيالنا الحاضرة والصاعدة " .وكذا الإهتمام بقواعد التدبيرالحديث وتفعيل النظام المعلوماتي وتطوير مهارات التواصل مع المتقاضين من خلال التكوين الذي يتلاقاه جل الموظفين حيث ان هناك فقط 50 محكمة تتوفر على بنية استقبال حديث.

الفقرة الثانية : على مستوى الهيكلة .

بخصوص هياكل الادارة القضائية يلاحظ في هذا الاطار وجود هيكلة ذات بعد تنظيمي مرن ، وتاطير تنظيمي لكتابة الضبط - يعتبر العاملون بهيئة كتابة الضبط موظفون عموميون يخضعون لقانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 والنظام الأساسي الصادر سنة 2011 - على اساس مناشير وقرارات ، ووضوح التسلسل الاداري في ظل وجود معايير مضبوطة للتنظيم الهيكلي ، بالإضافة إلى أن الحكامة كمفهوم سيساعد على تطوير ونجاعة الخدمات القضائية ,وكذا المساعدة على تيسير المساطر و الاجراءات لتعزيز أساليب الثقة بين المواطن والمؤسسات القضائية , وباعتماد الأساليب الرقمية .بالإضافة إلى تقسيم المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام قضاء الأسرة و أقسام قضاء القرب وغرف مدنية وتجارية وعقارية واجتماعية وزجرية ، وكذا من أساليب حكامة الهياكل القضائية إيجاد بعض المؤسسات القضائية الأخرى كمؤسسة قاضي التنفيذ ، ومؤسسة قاضي تطبيق العقوبة .

المطلب الثاني : مقترحات لتفعيل حكامة جيدة للإدارة القضائية 
:
يتطلب تفعيل حكامة جيدة للإدارة القضائية ربطها بأساليب معيارية تتحق بواسطتها المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والتي أصيحت أسمى قيمة في كل نظام قانوني حديث ، ولمعالجة هذا المطلب سوف أقسمه إلى فقرتين كالأتي : ( على مستوى التنظيم والهيكلة وتحديد المسؤوليات وعلى مستوى أنمط التدبير) .

الفقرة الأولى :على مستوى التنظيم والهيكلة وتحديد المسؤوليات .

يستدعي الامر هنا الحديث عن اختصاصات وصلاحيات التي ستناط بوزارة العدل بالنظر الى المستجدات الدستورية لاسيما فيما يخص إرساء سلطة قضائية مستقلة بذاتها ، ويعتبر استقلال القضاء هدفا ساميا لتحقيق العدالة ، نادت به المجتمعت والشعوب الحرة ، ودستور المملكة لسنة 2011 كرس إستقلالية السلطة القضائية الذي كان ضمن محاور التعديلات المضمنة في الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011 . وأضحى هذا المبدأ الدستوري حق أصيلا يرتبط بحماية حقوق الإنسان .وبخصوص الهياكل والاجراءات التنظيمية الواجب انتشارها لتاطير فعال للعلاقة بين وزارة العدل والسلطة القضائية في ظل مبدا الفصل بين السلطتين مع اعمال نوع من التعاون بينهما لضمان اداء جيد لمرفق القضاء ، فمجرد التنصيص في الفصل 107 على أن السلطة القضائية مستقلة فذلك يشكل تقدما بالنسبة للعدالة .كما يعتبر لاتمركز الادارة القضائية احد اليات التدبير الاداري والمالي الفعالة من تقريب الادارة القضائية من المتقاضي ، ويمكن من اعمال مبدا المسؤولية والانخراط في التدبير المرتكز على النتائج لأن هذه الأخيرة هي التي تعد الأساس من هذه لتقدم التشريعي .

الفقرة الثانية : مقترحات على مستوى انماط التدبير.

ينبغي في هدا الاطار اصلاح الجوانب التدبيرية من خلال طرح مسالة الفصل بين العمل القضائي والعمل الاداري , وذلك من خلال الحفاظ على الوضع الحالي حيث يقوم رئيس المحكمة بدور الريادة في التسيير الاداري والمالي للمحكمة . واحداث كاتب عام للمحكمة يخضع للرئيس ويعمل تحت سلطته في تسيير المصالح الادارية وكتابة الضبط ويساعده في التنسيق مابين المصالح وفي العلاقة مع وزارة العدل مع تفويض الامضاء في المسائل المتعلقة بتنفيد ميزانية المحكمة من طرف الرئيس لفائدة هدا الكاتب العام , بالإضافة الفصل التام بين المهام الادارية لرئيس المحكمة ومهامها القضائية ، وعموما عدم تحمل قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة اي وظائف ادارية ، وتكليف مسؤول اداري خاص بالمهام الإدارية من اجل تطوير فعالية الاداء.

         ونظيف أيضا ضرورة تطبيق الفصل 27 من الدستور بمفهومه الشامل لضمان الشفافية والولوجية للإدارة و للمعلومة بالنوعية الملائمة ، و افساح المجال امام الجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية مما يساعد على اتخاد القرارات الصالحة وتوسيع دائرة المشاركة والمراقبة والمحاسبة ، وكذا العمل على تعميم الأنظمة المعلوماتية سهلة الولوج من طرف المتقاضين ...

         وخلاصة القول إن الحكامة كمفهوم واسع أصبح اليوم تطبيقه في جميع المجالات ضرورة لا غنى عنها ، بعدما كشف التسيير البيروقراطي عجزه في ظل ألفية العولمة التي تلزم الديمقراطية التشاركية النفعية ، ولم يعد ضمان حكامة المؤسسات مسؤولية الدولة فقط , بل حتى المجتمع المدني الذي يطرح الان أمامه التساؤل حول مدى مساهمته في ترسيخ مبدأ الحكامة في المؤسسات العمومية ؟.

تعليقات