القائمة الرئيسية

الصفحات

الضمانات القانونية لبيع العقار في طور الانجاز


الضمانات القانونية لبيع العقار في طور الانجاز 





مــــــــقـــدمــــــة:

مع تطور الأوضاع الاقتصادية وتزايد الحاجة إلى تملك سكن لائق، من خلال أداء الثمن على أقساط، وتشجيع المنعشين العقاريين على إقامة مشاريع خاصة بدون قروض، فقد رخص المشرع في بيع العقار وهو في طور البناء، حيث صدر القانون رقم 44.00

وهي محاولة تشريعية هدفها سد الفراغ الذي يعاني منه النظام القانوني المغربي في هذا الباب، وتخليق مجال المعاملات العقارية مع خلق ديناميكية اقتصادية تستند على خفض النفقات والتكاليف وإنعاش السوق العقارية1

وتفاديا لكل تضارب حول ماهية بيع العقار فقد تدخل المشرع المغربي ووضع تعريفا لهذا النوع من البيوع، بحيث عرفه الفصل 1-618 من ق.ل.ع بما يلي : "يعتبر بيعا لعقار في طور الانجاز كل اتفاق يلزم البائع بمقتضاه بانجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال 2هذا الاتفاق قد قننه المشرع المغربي لضمان حقوق المتعاقدين وذلك بتوثيق العقد من طرف أشخاص معينين مع تبيان الشكل ومضمون العقد، وكذا الجهات المكلفة بتصحيح الإمضاء في حالة إذا كان العقد المحرر عرفيا.
و في اطار دراستنا لهذا الموضوع تثيرنا عدة اشكالات حول ما اذا استطاع المشرع بموجب قانون 44.00 و 107.12و المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز و قانون الالتزامات و العقود ، تحقيق توازن بين طرفي العلاقة التعاقدية؟ و هل افترض المشرع ضمانات من الواجب احترامها لصيانة حقوق الأطراف؟ و إذا ثبت ذلك، فإلى أي حد كفل المشرع التوازن بين المتعاقدين في وضع تلك الضمانات القانونية؟
و للاجابة عن هذه التساؤلات و ترتيبا على ذلك سيكون تقسيم الموضوع على الشكل التالي :




المطلب الأول : الضمانات القانونية لبيع العقار في طور الإنجاز
الفقرة الأولى: الضمانات القانونيةللمشتري
الفقرة الثانية: الضمانات القانونيةللبائع
المطلب الثاني: ضمانات تفويت عقار في طور الانجاز طبقا لمقتضيات ق ل ع 
الفقرة الأولى: ضمان التعرض و الاستحقاق
الفقرة الثانية: ضمان العيوب الخفية
الفقرة الثالثة: الضمان العشري 




المطلب الأول: الضمانات القانونية لبيع العقار في طور الإنجاز
يعتبر قانون رقم 107.12 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 44.00 المتعلق بيع العقار في طور الإنجاز،يهدف هذا القانون الذي قدمه محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، إلى تحفيز الاستثمار في الميدان العقاري، وتشجيع الولوج إلى السكن بشروط مبسطة، وبأداء متدرج مع ضمان الحماية القانونية للأطراف المتعاقدة، بالإضافة إلى تجاوز الإكراهات والصعوبات التي حالت دون التطبيق الفعلي للقانون الحالي الذي دخل حيز التنفيذ منذ عشر سنوات. 
ويندرج هذا القانون الجديد الذي حظي بإجماع ممثلي الأمة في إطار تنفيذ التزامات وزارة السكنى وسياسة المدينة الرامية إلى تنزيل المخطط التشريعي للحكومة، وبلورة السياسة العمومية الهادفة إلى تنويع وتقوية العرض السكني، وتمكين المهنيين من الاستثمار في هذا المنتوج بشروط وضمانات مشجعة، وكذا تمكين فئات اجتماعية واسعة من الولوج إلى السكن في ظروف ميسرة وبحماية قانونية قوية.
كما ينتظر أن يسهم هذا القانون، بالنظر لما يوفره من ضمانات وحماية لحقوق طرفي عقد بيع العقار في طور الإنجاز، في محاربة الظواهر والممارسات اللاقانونية في سوق العقار وجعله مؤطرا بمقتضيات تشريعية وتنظيمية واضحة مبسطة.




الفقرة الأولى: الضمانات القانونية للمشتري 
من أهم المستجدات التي جاء بها قانون 107.12 و الذي تم إعداده بمنهجية تشاركية موسعة، التنصيص على سجل خاص يتم فيه تصحيح إمضاء المحامي، ويحدد شكله بمقتضى قرار صادر عن وزير العدل بهدف تعزيز الضمانات في سلامة المعاملات العقارية، مع التأكيد على إضافة مهمة تتعلق بضرورة الإخبار في حال تغيير محل المخابرة من قبل أحد المتعاقدين و ذلك لتدقيق مساطر التبليغ والتقليل من مشاكله.

ومن بين مستجدات هذا القانون، أيضا، معالجة مسألة تحديد الثمن بالنسبة للسكن الاجتماعي، اعتبارا لكون ثمن هذا النوع من السكن محدد سلفا بالقانون ولا يمكن تجاوزه مهما كانت مساحة هذا السكن، على أن لا تقل عن 50 متر مربع، وهو ما يشكل استثناء من القاعدة العامة التي تنص على تحديد ثمن البيع النهائي على أساس المتر المربع، واستثناء عقد التخصيص من شكلية الانعقاد المنصوص عليها عند إبرام العقد الابتدائي، وذلك تعزيزا للمرونة في المعاملة العقارية ولحرية المتعاقدين، في اختيار وسيلة التعاقد التي تناسبهم في ضوء ما يحظى به المشتري من ضمانات عن الأموال التي دفعها في هذه المرحلة. 
كما نص القانون الجديد على بطلان العقود المتعلقة ببيع العقار في طور الإنجاز التي لم تتم وفق أحكام هذا القانون، وذلك للحد من الممارسات غير القانونية التي تجري في هذا الإطار، مع تعزيز حقوق المشترين بإحداث ضمانة جديدة تسمى "ضمانة إنهاء الأشغال"، وتهدف إلى حماية المشروع من كل الصعوبات التي قد تحول دون إتمامه، مما سيضمن حق المشترين في حالة عدم قدرة البائع على إنجاز المشروع لأي سبب من الأسباب كحالات العسر أو الإفلاس أو غيرها 
وبموجب الفصل 10-618 من هذا القانون أصبح بإمكان المشتري إجراء تقييد احتياطي في الرسم العقاري في حالة أداء نسبة لا تقل عن 50 بالمائة من الثمن الإجمالي للبيع، على أن يبقى التقييد الاحتياطي ساريا إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي، وذلك للحفاظ المؤقت على حقوق المشتري 
كما بات هذا القانون يسمح بتقسيم الملك موضوع الرسم العقاري الأصلي بالرغم من وجود تقييدات احتياطية به، وذلك بنقل كل تقييد احتياطي إلى الرسم العقاري الفردي المتعلق به، والتنصيص على إمكانية إبرام عقد جديد يسمى "عقد التخصيص". وهو عقد يخول للبائع الحصول على تسبيق قبل إبرام العقد الابتدائي، مع توفير ضمانات جديدة لصالح المشتري 
واشترط هذا القانون، بموجب الفصل 5-618 وجوبا الحصول على رخصة البناء لإبرام عقد البيع الابتدائي ، بدل الانتهاء من أشغال الأساسات على مستوى الطابق الأرضي كما هو عليه الحال في الوضع الراهن، وذلك بهدف تمكين البائع من الانطلاق في مشروعه العقاري وتمويله. 
رغبة في قطع طريق التحايل، جعل المشرع من صفة "بيع عقار في طور الإنجاز" تكييفا قانونيا يلتصق بكل اتفاق يتضمن التزاما من أحد الطرفين بإنجاز عقار داخل أجل محدد مقابل التزام الطرف الآخر بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال. و بالتالي، فإن نظام بيع العقار في طور الإنجاز يفرض نفسه على الأطراف كلما تضمن اتفاقهم الالتزامات المذكورة، حتى و لو فضلوا تسميته وعدا بالبيع أو أي اسم آخر.

و من جهة أخرى، فقد وضع القانون المذكور لإبرام العقد الرامي إلى بيع عقار لازال في طور الانجاز عتبة زمنية، تتحدد بتاريخ الانتهاء من أشغال الأساسات على مستوى الطابق الأرضي، و الغاية من هذا التحديد الزمني هي تجنيب المستهلك فخاخ النصب و إرغام المنعشين على التحلي بقدر أدنى من الجدية عبر إجباره على مباشرة الأشغال و الاستمرار فيها إلى النهاية. و يبقى من المفيد أن ننبه إلى أن الفصل 5-618 من قانون الالتزامات و العقود الذي نص على ذلك، حتى و إن لم يعتن بتوضيح مصير الاتفاقات المبرمة قبل الانتهاء من أساسات الطابق الأرضي، فإنه عندما أكد على أنه لا يمكن إبرام العقد الابتدائي قبل ذلك التاريخ، يكون قد وضع مانعا قانونيا أساسيا يجعل قيام هذا العقد أمرا مستحيلا استحالة قانونية. و من تم فإن كل اتفاق يتم بدون احترام الحد الزمني المذكور يكون باطلا بطلانا مطلقا و لا يسوغ التمسك به 
بل إنه قد يكون من الممكن مساءلة محرر العقد لتعويض الضرر اللاحق بالطرف حسن النية إذا حرر العقد من دون مراعاة المانع المذكور أو من دون التأكد من ارتفاعه. و هو ما يفسر وجوب إرفاق العقد بشهادة مسلمة من لدن المهندس المختص تثبت الانتهاء من أشغال الأساسات الأرضية للعقار، طبقا لآخر فقرة من الفصل 4-618 من قانون الالتزامات و العقود.

و من جهة أخرى، نجد أن التأطير التشريعي قد امتد إلى فرض عدد من الالتزامات الوقائية –إذا صح التعبير- الكفيلة بضمان جدية المنعش العقاري و حماية أموال الزبناء 
فقد أوجب القانون على البائع أن يضع دفترا للتحملات يتعلق بالبناء و يتضمن مكونات المشروع و ما أعد له و نوع الخدمات و التجهيزات التي يتوجب إنجازها و أجل الإنجاز و التسليم، و أن يودع هذا الدفتر مع التصاميم و مع نظام الملكية المشتركة (إذا تعلق الأمر بسكن مخصص للملكية المشتركة) بالمحافظة العقارية إذا كان العقار محفظا، و إلا فبكتابة ضبط المحكمة الابتدائية المختصة، و ذلك لتمكين العموم من الاطلاع على كافة المعلومات و المعطيات الخاصة بالعقار، و تقليص إمكانيات تلاعب البائعين سيئي النية. ثم إنه لم يقف عند ذلك، إذ جعل هذه الوثائق جزءا من العقد، فأوجب إلحاق نسخ مطابقة للأصل منها بالعقد، كما فرض أن يتم توقيعها من البائع و المشتري معا، و أن تسلم للمشتري نسخة منها مشهود بمطابقتها للأصل و بصحة إمضائه عليها.8 
هذه الالتزامات تعزز جدية المنعش العقاري و حسن تنفيذه لشروط البيع، من ناحية، و تمنح للمشتري ضمانات إضافية بشأن استجماع العقار لكافة المواصفات التي كانت وراء سعيه لتملكه، من ناحية أخرى. 
و إمعانا في حماية أموال المشتري اقترح المشرع سلما زمنيا للأداءات. فحدد نقطة انطلاقه إلزاميا عند إبرام عقد البيع الابتدائي، و منع البائع من طلب أي مبلغ مالي قبل ذلك، و جعل هذا الطلب باطلا و لا تترتب عليه أية نتائج، كما جرد قبول الأداء الذي قد يصدر عن المشتري من كل قيمة قانونية و اعتبره باطلا ( ف 8-618 قانون الالتزامات و العقود) . و بناء عليه، لم يعد من حق المقاول الحصول من المستهلكين على أية مبالغ أو إلزامهم بأدائهم لأقساط معينة إلا بعد أن يقوم بإبرام عقد البيع الابتدائي معهم أمام موثق أو عدول أو مهني مؤهل. هذا الموقف الحازم و الجذري الذي وقفه المشرع المغربي كان يرجى منه وضع سد منيع أمام كافة أساليب الاحتيال و المكر الذي قد تصدر عن بعض البائعين إما بناء على وعود بالبيع أو عروض امتيازيه مغرية أو غير ذلك مما هو مألوف في السوق.
و لكي يكتمل الإطار الحمائي الذي جاء به هذا القانون، ألزم المشرع البائع بإنجاز ضمانة بنكية أو ضمانة أخرى مماثلة و عند الاقتضاء تأمينا، بغاية تمكين المشتري من استرجاع الأقساط المؤداة في حالة عدم تنفيذ العقد. ثم أضاف إلى هذه الضمانة المالية ضمانة إجرائية تتمثل في إمكانية وضع تقييد احتياطي على الرسم العقاري بناء على العقد الابتدائي، و يبقى هذا التقييد نافذا إلى غاية إنجاز البيع النهائي أو فسخ العقد.
على هذا النحو سعى المشرع إلى الابتعاد بأموال المستهلكين عن كل استغلال ممكن. 




الفقرة الثانية: الضمانات القانونية للبائع 
تتمثل مظاهر إخلال اامشتري بالتزاماته في عقد بيع العقار في طور الإنجاز أساسا في عدم احترام نظام أداء الثمن وفقا لما هو مضمن بالعقدأو رفض إبرام العقد النهائي بعد إنجاز العقار. 
إن التزام المشتري بأداء ثمن العقار عبر أقساط واحترام مواعيد الأداء تبعا لتقدم أشغال البناء، يجد فلسفته في رغبة المشرع حماية هذا الأخير والتخفيف عنه من التزام مرهق بأداء الثمن دفعة واحدة. 
وقد ذهبت محكمة النقض إلى حتمية أداء الثمن وفق المتفق عليه في العقد باعتباره التزاما أساسيا منصبا على المشتري، وهو ما تم تأكيده بالقول حقا لقد تبين صحة ما نعاه الطاعن من أن العقد المبرم بينه وبين المدعي المشتري ينص على وجوب أداء بقية الثمن في الأجل المحدد، وطبقا للفصلين 254 و 255 من قانون الالتزامات والعقود فإن المشتري أصبح في حالة مطل بمجرد عدم أداء بقية الثمن في الأجل المتفق عليه من دون ضرورة انذار سابق، وأن الفصل 256 الموالي لهما يعطي للبائع في هذه الحالة الحق في أن يطلب إما تنفيذ الالتزام ما دام ممكنا أو الفسخ، أما إذا أصبح التنفيذ غير ممكن فلا يبقى له إلاطلبالفسخ11 
حقا ما ذهب إليه القرار، إلا أن ما يمكن أن يؤخذ على هذا القرار أنه اعتبر الالتزام المنوط بالمشتري هو التزام موصوف، ورتب عليه الأثر المباشر ألا وهو وجوب الوفاء بحلول الأجل ما دام معلقا على شرط الانتهاء من إنجاز الأشغال، دون الأخذ بنظرة الميسرة أو الأجل الاستعطافي المنصوص عليه في قانونالمسطرةالمدنية.

إعطى القانون 44.00 البائع في حالة رفض المشتري اتمام البيع حق اللجوء إلى المحكمة لطلب اتمام البيع أو فسخ العقد. 
والملاحظ أن مضمون الفصل 19-618 من القانون رقن 44.00 لا يختلف عما جاء في إطار المبادئ العامة المنصوص عليها في ق.ل.ع خاصة الفصل 259 منه الذي ينص على أن المدين إذا كان في حالة مطل كان للدائن الحق في اجباره على تنفيذ الالتزام ما دام تنفيذه ممكنا، فإن لم يكن ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين. 
وعليه ففي حالة مطالبة البائع المشتري بإتمام البيع، يتعين عليه أن يوفي بالتزاماته، وعند استجابة المحكمة لطلبه، فالحكم النهائي الصادر عنها في هذه الحالة يعتبر بمثابة عقد نهائي بالنسبة للعقار المحفظ وواجب التسجيل بالسجل العقاري إذا كان العقار غير محفظ12و قد سعى المشرع لحماية البائع في ظل قانون 107.12، وحتى لا يفتح الباب لسيء النية من المشترين، بأن يستغل بصفة تعسفية ومتعددة هذا الحق، يقترح على أنه لا يجوز للمشتري أن يجري على العقار أي تقييد احتياطي بناء على عقد البيع إلا في حالة أدائه 50% من ثمن البيعويمكن التفكير، في المدى المنظور، في النقل التدريجي للملكية، سعيا إلى تعزيز آليات ضمان حقوق الملكية. ويقتضي إعمال هذا الإجراء إصلاح التشريعات المتعلقة بالتحفيظ العقاري، وسيؤدي تفعيله إلى تعزيز فعلي للضمانات الممنوحة للمشتري. 
غير أن البائع قد يفضل المطالبة بفسخ العقد في حالة رفض المشتري اتمام البيع بالنظر للظروف التي يعرفها سوق العقار والطلب المتزايد على الأماكن المبنية، حيث من السهل على البائع إيجاد مشتر آخر وبسعر أعلى، هذا فضلا على أن سلوكه مسطرة الفسخ تمكنه من الحصول على تعويض إذا قضت المحكمة بالفسخ. 


المطلب الثاني: ضمانات تفويت عقار في طور الانجاز طبقا لمقتضيات ق ل ع 
الفقرة الأولى: ضمان التعرض والاستحقاق لبيع العقار في طور البناء



لا تتحقق الغاية من إبرام عقد البيع إلا إذا تمكن المشتري من الانتفاع بالمبيع على النحو قانونا أو اتفاقا أو عرفا، ولتحقيق هذه النتيجة فإن البائع يتعين عليه أن يفي بالتزامين أساسيين، أن يمتنع هذا
البائع عن كل فعل أو إجراء من شأنه المساس بالحيازة الهادئة وأيضا ضمان الاستحقاق عندما تتحول التعرضات من مجرد التشويش على المشتري إلى نزع الملكية منه كليا أو جزئيا .
فالتعرض أو التشويش قد يصدر من البائع أو قد يقع من قبل الغير، ففيما يخص التعرض الشخصي، أي الصادر من البائع فهو يضمنه سواء كان ماديا أو قانونيا.
فالتعرض المادي هو كل فعل يقوم به البائع ويترتب عليه التشويش على حيازة المشتري للمبيع دون أن يستند في ذلك على أي حق يدعيه على المبيع، مثال أن يمنع المشتري من دخول الشقة المبيعة وانتفاعه بها، في حين التعرض القانوني يقصد به التعرض الذي يقوم على أساس قانوني يتمثل في ادعاء البائع حقا على الشيء المبيع كادعائه ملكية الشيء المبيع، استنادا إلى عدم تقييده بالرسم العقاري، ونشير هنا أن التعرض لا يقبل التجزئة.
لكن المشتري قد يجد نفسه في مواجهة أجنبي يطالبه بحق على العقار المبيع، بحيث يكون ملزما بتعرض الغير دفاعا ونيابة عن المشتري في تملكه للعقار المبيع.
وذا كان ق ل ع المغربي يخلو من نص صريح يقرر التزام البائع بضمان التعرض الصادر عن الغير، ومن تم فلكي يتحقق التزام البائع بضمان التعرض الصادر عن الغير لا بد من توفر الشروط التالية:
- أن يكون التعرض قانونيا: حيث انه بخلاف التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع سواء كان ماديا أو قانونيا، فإن البائع البائع لا يضمن إلا التعرض القانوني الصادر عن الغير الذي يستنج إلى الادعاء بوجود حق عيني أو شخصي على المبيع، كأن يدعي هذا الغير بأنه المالك الحقيقي للمبيع ،ولكن يجب الإشارة إلى أن التعرض المادي يعفي البائع من الرجوع عليه بالضمان هو التعرض الذي يحصل بعد انتقال الملكية إلى المشتري، أما إذا كان التعرض المادي الصادر عن الغير قد حصل قبل نقل هذه الملكية فإن التزام البائع بدفعه هنا قائم وأي إخلال منه يحمله المسؤولية .
- أن يكون سبب التعرض مرتبطا بفترة ما قبل التعاقد: بمعنى أخر إذا كان تعرض الغير يستند إلى حق اكتسبه على الشيء المبيع بعد إبرام عقد البيع وانتقال الملكية للمشتري فإن البائع لا يضمنه كما إذا كان التعرض ناتجا عن قرار بنزع ملكية العقار للمنفعة العامة او كأن يتملك الغير العقار بالتقادم بعد البيع.
- أن يكون التعرض حالا أو فعلا: بمعنى أن يكون واقعا بصفة فعلية بشكل يؤثر مباشرة على استغلال المشتري للعقار المبيع وفق الغرض المخصص له أو إخلال وشيك الوقوع بهذا الاستغلال (أن لا يكون التعرض محتملا)
بالإضافة إلى ضمان التعرض فإن البائع يضمن للمشتري الاستحقاق الذي قد يقع ضده بمقتضى حق كان موجود عند البيع، ويقصد بالاستحقاق انتزاع ملكية المبيع كلا أو بعضا، من تحت يد المشتري وقد يكون بحكم قضائي أو باستسلام المشتري في مواجهة مدعي الاستحقاق.


ويقصد بضمان الاستحقاق التزام البائع بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر، وضمان الاستحقاق لعقار في طور البناء لا يخرج عن حكم القواعد العامة، فهو إما أن يكون ضمان الاستحقاق الكلي أو ضمان الاستحقاق الجزئي.
ويقصد بالاستحقاق الكلي حرمان المشتري من العقار المبيع كلية نتيجة الاعتراف قضائيا بادعاء الغير في تملكه لهذا العقار و من ثم يكون للمشتري حق الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق الكلي للعقار المبيع بناء على عقد بيع العقار في طور البناء ذاته ، حيث يطلب من البائع تنفيد التزاماته بطريق التعويض بعد أن تعذر عليه تنفيذها عينا ، و يشمل التعويض المقرر للمشتري في حالة الاستحقاق الكلي ثمن العقار المبيع و المصاريف المنفقة و مصاريف دعوى الضمان و الاستحقاق . 
و يكون الاستحقاق جزئيا بثبوث ملكية الغير في جزء من العقار المبيع و ثبوث التكليف على هذا العقار محل البيع في طور البناء ينقص من قيمته كظهور حق الارتفاق غير ظاهر .

الفقرة الثانية: ضمان عيوب العقار المبيع في طور البناء
لم يعمل المشرع المغربي على تحديد مفهوم العيب الموجب للضمان في عقد البيع عموما، وبيع العقار في طور البناء خصوصا، بل اقتصر فقط على تعداد العيوب التي تستوجب ضمان هذا المبيع .
وقد أطنب المشرع المغربي أثناء عرضه لأحكام ضمان العيوب الخفية، حيث تناول هذا الموضوع في الفصول من 549 إلى 557 في ق ل ع مما يعني أهمية هذا الموضوع في نظر المشرع .
وعيب البناء الموجب للضمان أما أن يكون خفيا أو ظاهرا، بحيث العيب الظاهر هو العيب الذي بمقدور المشتري أن يعرفه وقت البيع أو كان يستطيع أن يتبينه بنفسه لو انه فحص العقار المبيع بعناية الرجل العادي .
وبالمقابل من ذلك يكون عيب البناء خفيا إذا استعصى عن الظهور لا يمكن الوقوف عليه إلا بإجراء خبرة فنية.
وهنا تجب الإشارة بالأساس بأن العيب الموجب للضمان في بيع العقار في طور البناء يمتاز بأنه ذو دائرة واسعة فهو لا يقتصر على العيوب الخفية فحسب بل يمتد ليشمل العيوب الظاهرة كذلك بالرغم من إن ذلك يعد خروجا عن القاعدة العامة في عدم شمولية ضمان هذه العيوب .


وبالتالي فالأصل في القانون المغربي للالتزامات والعقود أن البائع لا يلتزم بضمان العيوب الظاهرة والعيوب التي كان يعرفها وقت البيع، ولكن خروجا على هذا الأصل اقر المشرع المغربي استثناء يلزم بمقتضاه البائع بضمان العيوب الظاهرة في الحالة التي يثبت فيها المشتري تصريح البائع له بعدم وجودها.
وذا كان المشرع المغربي قد اخضع ضمان بائع العقار في طور البناء للعيوب الظاهرة بحكم القواعد العامة، فإن المشرع الفرنسي على عكس ذلك، بحيث نظمه بأحكام خاصة، بموجبها يلتزم البائع بضمان عيوب البناء الظاهرة بقوة القانون.
ويعتبر ضمان العيوب الخفية مظهرا من مظاهر الحماية التي يوفرها القانون للمشتري من حيث الاطمئنان إلى سلامة العقار المبيع وصلاحيته لتحقيق الغرض المقصود منه .


وبناءا عليه يدخل بيع العقار في طور البناء في ضوء أحكام ق ل ع المنظمة لضمان 
العيوب الخفية في غياب قواعد خاصة تراعي طبيعة هذا البيع وتأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي لكل طرف فيه، وبالرجوع إلى هذه الأحكام العامة فإن العيب الموجب للضمان في بيع العقار في طور البناء يفترض أن يكون خفيا ومؤثرا وقديما .
بالنسبة للعيب الخفي فتقديره في مجال العقارات المبنية مسألة نسبية تختلف باختلاف العوامل الفنية التي يتوفر عليها كل مشتري، بحيث إذا كان المشتري محترفا وهو الذي يمارس نشاطا تجاريا أو مدنيا بطريقة اعتيادية وهو غير المستهلك العادي الذي يتعاقد من اجل لوازمه الخاصة ،بحيث ان المشرع المغربي قد اخذ بقرينة العلم بالعيب من قبل البائع المحترف حيث ألزمه بالتعويض فضلا عن فسخ البيع عند تحقق العيب الموجب للضمان .


في حين أن القضاء الفرنسي يميل إلى التشدد في تقدير الصفة الخفية من جانب المشتري المحترف .
أما المشتري غير المحترف فهو المشتري المستهلك الذي يبرم بيع العقار في طور البناء بفعل حاجته الماسة للسكن مثلا، فهته الفئة يفترض فيها عدم العلم بالمعطيات التقنية للعقار المشيد محل العقد.
وتجدر الإشارة إلى انه سواء كان المشتري محترف أو غير محترف يسقط حقه في الضمان عن العيوب المعلومة لأن سكوته عليها يعد رضاء منه بها ونزولا عن حقه في الضمان.
هذا فيما يخص العيب الخفي أما العيب المؤثر فهو ذلك العيب الذي ينقص من قيمة الشيء المبيع أو منفعته نقصا محسوسا بحيث بحيث الغرض المرصود له او بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد بحيث لو علم به المشتري لما أقدم على الشراء اصلا.
وفي بيع العقار في طور البناء يكون العيب مؤثرا في قيمة العقار المبيع بانخفاض هذه القيمة في السوق العقارية بسبب وجود شقوق في جدرانه أو أساساته وان كان لا يؤثر على عامل الثمن الذي يختلف باختلاف عوامل شخصية متغيرة تتعلق برغبات المتبايعين .
وعليه يكون بائع العقار في طور البناء ملزما بالضمان عن العيوب الخفية التي تجعل العقار المبيع غير صالح للاستعمال المخصص له أو التي تنقص من قيمته أو منفعته لدرجة أن المشتري ما كان ليوافق على إبرام البيع النهائي لو كان يعلم بها عند تسلمه العقار المبيع المشيد .


ولا يكفي طبقا للقواعد العامة أن يكون العيب خفيا ومؤثرا بل يشترط فيه كذلك أن يكون قديما، والمقصود بقدم العيب، كل عيب سابق على إبرام عقد البيع أو على الأقل معاصرا له، ليقوم التزام البائع بالضمان، وفي ضوء ق ل ع المغربي فإن العبرة من وجود العيب من عدمه ليست بتاريخ البيع وإنما من تاريخ انتقال الملكية إلى المشتري.

الفقرة الثالثة: الضمان العشري للعقار في طور البناء .
الأصل أن الملتزم بالضمان العشري هو المهندس المعماري و المقاول ، و ان كنا نجد في بعض التشريعات المقارنة كالمشرع الفرنسي يمدد هذا الالتزام ليشمل كل من البائع الصانع و المورد .
و عليه فإن ارتباط المهندس المعماري ببائع العقار في طور البناء بموجب عقد مقاولة أو اجارة على الصنع كأصل عام ، لا يحول دون قيامه بمهام تبعية على سبيل الوكالة نيابة على هذا البائع ، و ذلك من قبيل تصفية الحسابات ة صرف المبالغ المستحقة إليه و الإشراف على عملية البناء و تمثيله أمام الغير ، فقيام المهندس المعماري بمثل هذه الأعمال أصالة أو نيابة يجعله مسؤولا بالضمان العشري في مواجهة مشتري العقار في طور البناء بطريقة مباشرة (المادة 1_1646 من القانون المدني الفرنسي) أو بطريقة غير مباشرة (الفصل 769 من ق ل ع)
ان الرابطة التي تربط المقاول ببائع العقار في طور البناء تكيف بأنها عقد مقاولة فإنه من مرتبات هذا العقد نشوء التزامات متقابلة ، و بالتالي فعلى المتعاقدين الالتزام بتحقيق نتيجة و أي إخلال بتنفيذه يثير المسؤولية العقدية ، أما خارج العقد الذي يربط بائع العقار فإن المقاول يخضع للأحكام العامة للمسؤولية التقصيرية ،
هذا قبل التسليم أما بعد التسليم فإن مسؤولية المقاول تجد أساسها في الفصل 769 من ق ل ع حيث تطبق أحكام الضمان العشري . هذا فيما يخص الأشخاص الذين يلتزمون بالضمان العشري تجاه المستفيد ، أما المستفيدون منه، فهم مالك الشقة أو المحل أو المشترون المالكون لمجموعة من الشقق و لا يمكن الحديث عن فعالية الضمان العشري ببيع العقار في طور البناء إلا في ظل شروط موضوعية و شكلية .


و تتمثل الشروط الموضوعية لإعمال الضمان العشري في إنتاج آثاره أن ويتعلق الأمر ببناء عقار أو غيره من أشغال البناء الأخرى و أن تتعرض هذه الأبنية للتهدم أو التهديد بالانهيار ، و التهدم اما أن يكون كليا أو جزئياً . إضافة إلى الشروط الموضوعية فإنه يتعين لإعمال أحكام الضمان العشري في بيع العقار في طور البناء أن يحصل التهدم أو التعيب خلال مهلة العشر سنوات اللاحقة لتسلم العقار المشيد و هو ما يطرح مشكل تحديد الطبيعة القانونية لمدة الضمان و تاريخ سريان هذه المدة .
أما في ما يخص الطبيعة القانونية لمدة الضمان العشري نجد أن هناك تضارب فقهي بين رأي يؤكد على أن هذه المدة مدة تقادم وبالتالي فهي تنقطع و تتوقف، إلا أن هذا لم يعمر طويلا على اعتبار أن هناك موقف آخر ينظر إلى مهلة الضمان كمدة لسقوط و ليس لتقادم ، مما يعني أنها لا تقبل الوقف و القطع إلا بالمطالبة القضائية . و بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 769 نجد المشرع المغربي حسم الموقف حيث فصل بين مدة الضمان العشري و مهلة دعوى هذا الضمان (ثلاثون يوماً)ء مع ذلك فالقضاء لم يسلك نهج المشرع .لا يمكن الحديث عن الضمان العشري إلا بإثباته، و بالتالي فحتى يستفيد مشتري العقار في طور البناء من الضمان العشري المقرر في الفصل 769 من ق ل ع يتوجب عليه إثبات الضرر الذي لحقه .


خاتمة

و خلاصة القول ، لا يسعنا إلا أن نقول بأن بيع العقار في طور الإنجاز باعتباره أحد الأنظمة العقارية الجديدة جاء بمجموعة من الضمانات بالنسبة للمشتري و كذلك البائع الذي ينظمه القانون 44.00 و الذي حل محله القانون 107.12 ، و بالإضافة إلى تلك الضمانات فقانون الالتزامات و العقود باعتباره قاعدة عامة أتى هو الآخر بضمانات كالضمان العشري و ضمان العيوب الخفية ضمان الاستحقاق و التعرض.
إلا أن الاشكال الذي يمكن طرحه بهذا الصدد و هو ماذا فعالية هذه الضمانات لتحقيق أكبر قدر من الحماية للمشتري باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية .





لائحة المراجع

- محمد الخضراوي، إشكالية توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية – قراءة في قانون 44.00 مجلة البحوث، عدد 07، 2007
- عمر اليوسفي العلوي، بيع العقار في طور الإنجاز
- عبد القادر العرعاري، وجهة نظر في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء، الطبعة الأولى 2010
- محمد العلمي، محاضرات في العقود المسماة عقد البيع والكراء، طبعة 2014
- علي الرام، بيع العقار في طور البناء على ضوء احكام القانون المغربي، اطروحة لنيل الدكتوراه في قانون الاعمال جامعة محمد الاول وجدة، 2004 
- الحسين بلحساني، العقود المسماة، الطبعة 2010
- عبد القادر العرعاري، ضمان العيوب الخفية في عقد البيع
- عبد الحق صافي، عقد البيع
الضمانات القانونية لبيع العقار في طور الانجاز

تعليقات