القائمة الرئيسية

الصفحات

التقييد الاحتياطي



 التقييد الاحتياطي 





تعريف التقييد الاحتياطي وحالاته 

 لقد أعطى للتقييد الاحتياطي   مجموعة من التعاريف وإن كانت تختلف فقط من حيث أساليب التعبير، فما هي هذه التعاريف التي أعطيت له وما هي حالات التقييد الاحتياطي؟

 المطلب الاول: تعريف التقييد الاحتياطي
 عرف بول روشي التقييد الاحتياطي: "...بأنه تقييد مؤقت ووقائي مثبت بالسجل
 العقاري في انتظار اتخاذ التقييد النهائي بهدف الحفاظ وضمان الحقوق المدعاة من
طرف المنتفع من التقيد الاحتياطي ضد كل عقود التصرف التي يمكن أن ينشئها المالك المقيد عن طريق التحايل"

وعرف بول دوكرو [1] بأنه "...بيان تبت بالرسم العقاري بصفة مؤقتة ومشروطة
وينبئ بالحق   المطالب به والذي يكون غير قابل للتقيد بالسجلات العقارية بطريقة قانونية.."
وهناك اتجاه فقهي آخر يعتبر أن التقييد الاحتياطي لا يشكل "تقييدا" بما تفيده هذه الكلمة من مدلول قانوني وعملي، بل هو مجرد بيان مؤقت وتحفظي ولا يتمتع بالقوة التبوثية والأثر التأسيسي للتقييدات النهائية، إذ انه ولو تعلق بحقوق مدعاة أو محتملة، فإنه لا يقررها ولا ينشئها ولا   يغيرها ولا يسقطها، بل ولا ينتج أي   احتمال قانوني وعملي ولو لمصلحة المنتفع منه وانه لا يترك أي أثر بالرسم   العقاري عند انعدامه [2].

 ومن خلال مختلف التعاريف السابقة   يتبين أن كل من التقييد   النهائي والتقييد الاحتياطي هما مؤسستين مختلفتين، بحيث أن التقييد النهائي هو الإجراء الذي يضفي الصبغة العينية على الحق العقاري بمعنى أن الحق المضمن بالسجلات العقارية بصفة نهائية   يتحول من حق   شخصي إلى حق عيني بفعل   التقييد النهائي وحده بمجرد تضمينه الرسم العقاري، وذلك بعد استثناء بعض حقوق الدائنية التي اوجب المشرع   صراحة تضمينها بالسجلات العقارية، فهو تقييد يتمتع بالأثر التأسيسي والقانوني وبالقوة التبوتية والحجية. في حين أن   التقييد الاحتياطي لا ينتج أي أثر تأسيسي وقانوني كما أنه لا يتمتع بأية قوة تبوتية ولا لأية حجية  بمعنى أن التقييد الاحتياطي لا ينشئ الحق المقيد   احتياطيا ولا يقرره ولا يصرح به ولا يعترف به ولا يغيره ولا يسقطه وإنما ينبئ باحتمال وجوده   وإمكانية   استكمال شروطه القانونية مستقبلا حيث قد يتحقق ذلك أم لا [3]؟

المطلب الثاني: حالات التقييد الاحتياطي.

لقد نص   الفصل 85 من ظهير التحفيظ لعقاري على ما يلي:

"يمكن لكل من يدعى حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد الاحتفاظ 
المؤقت بهذا الحق. وفي غير الحالات التي يطلب فيها التقييد الاحتياطي بمقتضى سند يجب أن يرد طلب التقييد الاحتياطي، إما بنسخة من الطلب المرفوع لدى القضاء قصد الاعتراف بالحق، وإما بأمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يوجد العقار في دائرتها. هذا وإن تاريخ التقيد الاحتياطي هو الذي يعتبر لتعيين رتبة التقييد اللاحق للحق"

ومن خلال مقتضيات هذا الفصل فإن هناك ثلاث حالات للتقييد الاحتياطي:

- إما أن يتخذ بمقتضى سند
- إما بموجب قرار من رئيس المحكمة الابتدائية
- إما بواسطة طلب قضائي
وإلى جانب هذا الحالات هناك حالات أخرى متفرقة في قوانين مختلفة، وهي تتمثل في حالات نص عليها قانون الديون الرهنية [4] ومدونة تحصيل الديون العمومية [5]
وقانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وحالة التقييد الاحتياطي في إطار بيع العقار في طور الإنجاز [6] إضافة إلى التقييد الاحتياطي بموجب القانون المتعلق بالإيجار المفضي إلى   تملك العقار [7] وهي حالات لن نتطرق لها كلها بل سنقتصر على بعض منها.

 الفقرة الأولى: التقييد الاحتياطي بناء على سند.

إن التقييد الاحتياطي لا يمكن قبوله بمجرد طلب بسيط بل لابد من سند يبرره غير   أن المشرع المغربي   لم يحدد طبيعة هذه السندات [8] سواء   على مستوى ظهير   12 غشت 1913 أو ظهير فاتح يونيو 1915 المحدد للمقتضيات الانتقالية.

 وبالرجوع على المقتضيات المنظمة للتقييد الاحتياطي المبني على سند   يبرره، نجد أنه يمكن اتخاذ هذا النوع من التقييد بطلب من أحد الأطراف بعد الإدلاء بعقد (سند)   بشوبه خلل   بسيط   كعدم المصادقة على صحة   توقيع أحد   الأطراف من طرف السلطات المحلية، أو نقصان المعلومات الخاصة بالحالة المدنية لأحد الأطراف مما يصعب إنجاز   التقييد أو استكماله   أو تصحيحه على   الفور، لكن شرط أن لا يتطلب تصحيحه فترة طويلة.

 ويجب أن يرفق   هذا الطلب في نفس الوقت بنظير الرسم العقاري موضوع للملك   المعفى   بالأمر وذلك في الحالة التي كون فيها أحد الأطراف في السند الذي يرتكز عليه التقييد الاحتياطي هو الحائز القانونية للنظير، أما في حالة تفويت حقوق مشاعة أو ترتيب   أي حق عيني آخر على هاته الحقوق المشاعة من طرف شريط غير حائز على النظير، فإن الولاء بهذا الأخير يكون غير ضروري ويعمل بمقتضيات الفقرة III وما بعدها من الفصل 89.

إن ما يمكن قوله في هذا   الصدد أن   التقييد   الاحتياطي المتخذ بمقتضى سند لا يمكن إلا اتفاقيا، حيث إنه يفترض بل يوجب أخذ رضى المالك المقيد بالرسم   العقاري.

 ويتم التقييد الاحتياطي بناء على سند خلال أجل 10 أيام، إذ تعتبر هي فترة صلاحية التقييد الاحتياطي والذي يجب خلاله إجراء التقييد النهائي فإذا تم تقييده   نهائيا فإن   مفعوله يسري بأثر رجعي. أما إذا لم يتم ذلك فإنه يلغى تلقائيا ويشطب عليه (الفصل 92 من ظهير التحفيظ العقاري).

 وعملا بمقتضيات الفقرة II   من الفصل 6 من ظهير  فاتح يونيو 1915 فإنه لا يمكن طلب اتخاذ أي تقييد احتياطي آخر برضى الأطراف يتضمن تصرفا ثانيا نفس الحق، خلال أجل 10 أيام.

الفقر الثانية: التقيد الاحتياطي بموجب قرار من رئيس المحكمة الابتدائية
يمكن   للتقييد الاحتياطي   أن   يتم   أيضا بموجب قرار من رئيس المحكمة الابتدائية، وهو أمر منصوص عليه في الفصل 85 و 86 من ظهير   التحفيظ العقاري، وهذا القرار الصادر بأمر مبني على   طلب أو قرار مستعجل بل يصدر خارج نطاق   قانون المسطرة المدنية وهو أمر يجعله ذا طبيعة خاصة. حيث يدعى (إذن الرئيس) كما جاء ي الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري أو (أمر) كما في الفصل 85 من نفس الظهير.

 ويصدر هذا القرار أو الأمر أو الإذن عن رئيس المحكمة الابتدائية الموجود بدائرة
السحب أو التراجع عنه، ويظل ساري المفعول لمدة 6 أشهر، لكن قرار رفض
منح التقييد الاحتياطي يجب تعليله ويكون قابلا للاستئناف [9].

وعلى خلاف التقييد الاحتياطي بمقتضى سند فإن التقييد الاحتياطي بناء على قرار  
من رئيس   المحكمة الابتدائية فإنه لا يكون إجباريا   الإدلاء بنظير الرسم العقاري، وذلك لأنه لا   يمكن أن يكون اتفاقيا بحيث   يتم بدون موافقة المالك المقيد.

ويهدف هذا النوع من التقييد على الحفاظ المؤقت على حق تعذر تقييده النهائي   إلا انه يختلف عن الحالة الأولى، إذ غالبا ما يكون موضوع التقييد الاحتياطي بناء على قرار من رئيس المحكمة الابتدائية غير محكم بعقد شكلي مكتوب وغير مستوف لجميع شروطه، وحتى في حالة يكون مشوبا بخلل   يستوجب إصلاحه مدة تزيد عن 10 أيام، أو أن هناك بالرسم العقاري المعنى بالأمر عائقا يحول دون التقييد ويستوجب دفعه مدة   أطول من 10 أيام. ومدة صلاحية هذا النوع من التقييد الاحتياطي هي 6 أشهر يمكن تمديدها إذا قدمت الدعوى بهذا الحق على المحكمة المختصة وتم النص عليها بالرسم العقاري داخل الشهر الأول من إجراء التقييد الاحتياطي [10].

 الفقرة الثالثة: التقييد الاحتياطي المتخذ بموجب مقال للدعوى

بالرجوع على الفصل 202 من ظهير 2 يونيو 1915 بشأن التشريع المطبق على
 العقارات المحفظة نجد أنه يبيح التقيد الاحتياطي لكل الدعاوى العينية العقارية،
وهكذا وعملا بمقتضيات الفصل 85 و 86 و 202 يكون لكل شخص يرفع   دعوى
إلى   القضاء قصد الاعتراف له بهذا الحق لضمان حقه المحتمل، حيث يتقدم المعني بالأمر إلى المحافظ بطلب للتقييد الاحتياطي مرفوعا بنسخة من مقال الدعوى مؤشرا عليها من طرف المحكمة الابتدائية الموجودة بدائرة اختصاصها موقع العقار الذي يتعلق بالنزاع هذا النوع من التقييد الاحتياطي محتفظا بجل آثاره خلال مدة النزاع وحتى
اتخاذ التقييد النهائي المكتسب لقوة الشيء المقضى به الذي يحسم النزاع وحتى اتخاذ التقييد النهائي لهذا الحكم بالرسم العقاري المعنى بالأمر إذا اعترف القضاء بالحق المنازع فيه: ويعود بذلك هذا التقييد النهائي بأثر رجعي إلى تاريخ التقييد الاحتياطي [11].

غير أن هناك سؤال يطرح في هذا الصدد عما إذا كان التقييد الاحتياطي للاستئناف
أو الطعن بالنقض أو التعرض الخارج عن الخصومة أو التدخل الإرادي ومواصلة 
الدعوى أو الطعن في قرارات المحافظ أو المحافظ العام ممكنا أم لا؟

 إن الفصل 85   من ظهير 12 غشت 1913 للتحفيظ العقاري يستعمل مصطلح "الطلب القضائي" والفصلين 86 من ظهير التحفظ العقاري والفصل 202 من ظهير 2 يونيو 1915 ستعملان مصطلح "الطلب القضائي الافتتاحي"   أو "الدعوى الافتتاحية" أو كذلك "المقال الافتتاحي للدعوى" وإنما استعملت مصطلح "الطلب القضائي" أو "الدعوى" أو كمقال الدعوى في عموميته دون تخصيص [12].

 بالإضافة إلى كون المقتضيات لم توضح نوعية ودرجة القضاء الذي ترفع إليه الدعوى، هل هو القضاء المدني أم القضاء الجنائي، وهل هو المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف أو المجلس الأعلى، فقد استعملت هذه المقتضيات مصطلح القضاء في عموميته وإطلاقه.
وهكذا فإنه وبالرجوع على الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري والذي يعتبر قاعدة عام فإنه يمكن لطرق الطعن العادية والغير عادية أن تكون موضوع للتقييد الاحتياطي،
 وذلك لكونها تعتبر كلها طلبات قضائية، وذلك ما دام أنها تكرس إدعاء بحق على عقار محفظ أو تطالب الاعتراف به أو إسقاطه [13].

لكن وفي المقابل هناك من ذهب إلى القول [14] بأن قياس عريضة النقض على مقال   الدعوى هو قياس غير صحيح وذلك لأن المقصود بالمقال الافتتاحي هو المقال المقدم في المرحلة الابتدائية، أما عريضة النقض فيفترض أن الدعوى قطعت مراحلها العادية وأصبح الحكم نهائيا رغم قابليتها للطعن بالنقض، وبالتالي عدم إمكانية اعتبار عريضة النقض كوسيلة لإجراء التقييد الاحتياطي.

 الفقرة الرابعة: التقيد الاحتياطي لنية تسنيد الديون الرهينة.

 ويقصد بتسنيد الديون الرهينة، تخلي مؤسسة من مؤسسات الائتمان عن جزء من
 ديونها   المضمونة برهن رسمي عقاري من الدرجة الأولى والتي لا   يشوبها نزاع لفائدة مؤسسة مشترية لهذه الديون. تسمى صندوق التوظيف الجماعي للتسنيد مقابل استصدار   مجموعة من القيم   المنقولة   تكون قابلة للتداول   في السوق المالية تمثل هذه   القيم قيمة الرهون المفوتة.

وبالرجوع على الفصل 2 من قانون 98.10 المتعلق بتسنيد الديون الرهينة، ألزم المشرع التقييد الاحتياطي لنية تسنيد الديون الرهينة، ليضيف بذلك إلى الحالات السابقة حالة يمكن اعتبارها من الحالات الخاصة والتي تخرج عن الحالات الكلاسيكية   السابقة.

الفقرة الخامسة: التقييد الاحتياطي في إطار تحصيل الديون العمومية .

وهذه الحالة من التقيد الاحتياطي نجدها بالرجوع على مدونة تحصيل الديون العمومية وذلك في المادة 115 والتي جاء فيها "يمكن للمحاسب المكلف بالتحصيل بناء على الإعلام بالتصريح المشار إليه في   المادة 29 أعلاه. أن يطلب التقييد الاحتياطي وفق الشروط المحددة في المادة 85 من ظهير 9 رمضان 11331 بشأن تحفيظ العقارات".

 ويستفاد من هذه المادة أن المشرع أحال على مقتضيات الفصل 85مما يفيد أن المحاسب المكلف بالتحصيل عليه أن يسلك احد الطريقين إما اللجوء على طلب   استصدار أمر من رئيس المحكمة بإجراء   تقييد احتياطي أو الاستناد على مقال الدعوى المرفوعة ضد  الملزم بالضريبة لطلب   تقرير رهن جبري على عقارات الملزم [15].

 كما انه وبالرجوع على المادة 29 المحال عليها من طرف المادة 115، نجد أن للمحاسب المكلف بالتحصيل أن يطلب اتخاذ تقييد احتياطي بالرسم أو بالرسوم العقارية الموضوعة للملاك المعنية بالأمر، وذلك في حالات معددة [16].


 فالتقييد الاحتياطي في هذه الحالة تحول إلى إجراء يتخذ بهدف الحفاظ على حقوق مديونية بسيطة غير واجبة التقييد   النهائي بالسجلات العقارية بالتالي المحافظة على ضمان الخزينة وبناء على وثيقة إدارية جبائية يصدرها المستفيد من التقييد الاحتياطي نقسه   وخارج إطار أية منازعة متعلقة بالعقار، وقد تكون الوثيقة   مشوبة   بالشطط في استعمال السلطة [17].

تعليقات