القائمة الرئيسية

الصفحات

الحماية الجنائية لحرمة الانبياء - دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون - PDF



أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الاسلامية 

تخصص : شريعة وقانون

الحماية الجنائية لحرمة الانبياء 

دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون 

في ضوء حرية الرأي و التعبير

من إعداد الطالب الباحث : بلخير سديد

تحت اشراف الدكتور : سعيد فكرة

السنة الجامعية : 2019-2020

ملخص :

اقتضت حكمة الله عزّ وجلّ أن يتعرض أنبياؤه ورسله عليهم السلام إلى المحن والابتلاءات و الى صنوف الأذى المادي والمعنوي من مجرمي أقوامهم الذين حرفوا الكتب السماوية وكذبوا الأنبياء والمرسلين، ونكّلوا بهم، وقتلوا كثيرا منهم، وشوهوا صورتهم بعد وفاتهم، ولم تتوقف هذه الاعتداءات الآثمة حتى في عصرنا هذا، ولا أدلّ على ذلك من التطاول الإعلامي الآبق الذي لحق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من خلال بعض الصحف الغربية بدعوى حرية الرأي والتعبير. لقد تبين من خلال هذا البحث أن جلّ هذه الإساءات المتكررة في حق الأنبياء عليهم السلام عموما، وفي حق المصطفى على وجه الخصوص، ليست جرائم عادية أو عفوية، و إنما هي ظاهرة إجرامية منظمة، تغذيها جهات معادية للدين الإسلامي ولرسوله عليه السلام. هذه الدوائر الإجرامية أ عماها الكبر والحسد والنفاق والخوف من الإسلام، و أ غراهم ضعف المسلمين وبعدهم عن دينهم، وتفكك روابطهم وضعف اعلامهم، وتطرف بعض أبنائهم، وخيانة حكامهم، وعجز علمائهم. إن مثل هذه الإساءات لمقام النبوة الشريف، لابد لها من سياسة جنائية رادعة، بدءا بالتدابير الوقائية، ووصولا إلى رصد العقوبات المناسبة لمقترفيها، وتتمثل هذه الحماية الوقائية لحرمة - – الأنبياء عليهم السلام: في بيان حقوقهم المشروعة من حيث تعظيم مقامهم، وتصديقهم والايمان بهم والاعتقاد بعصمتهم وأفضليتهم ومحبتهم وتعزيرهم وطاعتهم والاقتداء بهم، والتعريف بذواتهم واشاعة محبتهم عليهم السلام، وحضر تصويرهم أو تجسيدهم في مختلف الأعمال الفنية، ومن حقوقهم كذلك نصرتهم والدفاع عنهم بمختلف الآليات والوسائل المتاحة خاصة المجالات العلمية والإعلامية. ومن الحماية الوقائية أيضا: تعزيز حقوقهم على مستوى التشريعات القانونية الداخلية منها والدولية. ولا شك أن أبلغ حماية لحرمة الأنبياء عليهم السلام هي تجريم فعل الإساءة اليهم بمختلف صورها وأشكالها، كالسب والقذف والاستهزاء وغيرها، كما هو مقرر في الفقه الاسلامي، أي اعتبار هذه الجريمة ردة مغلظة بالنسبة للمسلم، ونقض للعهد مغلظ بالنسبة لغير المسلم، وهذا التشديد في تكييف جريمة الاساءة إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام مقصده الحفاظ على الرسالة (الدين)، وتقديس المرسل (الخالق عز وجل)، وتعظيم ذوات الرسل عليهم السلام، وما يؤسف له أن جلّ التشريعات العربية والإسلامية، فضلا عن التشريعات الأجنبية، لم تول حماية مقام النبوة الاهتمام اللائق بها، حيث صنفت جرائم الإساءة إلى حرمة الأنبياء عليهم السلام ضمن أبواب الجنح !! أما عن أركان جريمة الإساءة الى حرمة الأنبياء عليهم السلام، فهناك اتفاق بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي في وجوب توافر الركن المادي بعناصره المعروفة، إضافة الى عنصر العلانية، وكذلك توفر العنصر المعنوي من أجل قيام المسؤولية الجنائية على المسيء، وتقوم المسؤولية الجنائية على المسيء سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا على القول الغالب في القانون الوضعي، والراجح في الفقه الإسلامي، ولعل أهم اختلاف بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي يكمن في مقدار العقوبة المرصودة لجريمة الإساءة الى حرمة الأنبياء عليهم السلام، حيث قرر الفقه الإسلامي عقوبة الإعدام ضد المسلم المسيء لمقام النبوة الشريف، واعتبره مرتدا عن الإسلام، ولم يعتدّ بتوبته في الراجح، كما قرر العقوبة نفسها- في الراجح - ضد المسيء غير المسلم وأضاف الفقه - - إلى هذه العقوبة الأصلية عقوبات أخرى تبعية. هذا بخلاف القوانين الوضعية التي نصّت على عقوبة السجن أقصاها سبع سنوات، وقد تستبدل بغرامة مالية على حسب حكم القاضي وقناعته الشخصية. وفي ختام البحث تم التطرق الى الآليات الدولية لمكافحة جريمة الإساءة إلى حرمة الأنبياء عليهم السلام، حيث تبين أنه باستطاعة الدول المجرمة للإساءة إلى مقام النبوة أن تلاحق المسيئين وتحاكمهم في محاكمها الداخلية وفق إجراءات معينة، كما أن هذه الدول تستطيع ملاحقة أيّ مسيء عبر آلية تضمين مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في تشريعاتها الداخلية، ولعل أهم إنجاز يمكن استحداثه في هذا الشأن هو تنظيم المسؤولية الجنائية الدولية على اقتراف جرائم الإساءة الى حرمة الأنبياء عليهم السلام، خاصة أن هذه الجريمة تعدّ من خلال البحث والدراسة من الجرائم الدولية - - التي يستوجب على المجتمع الدولي أن يصدر في شأنها قانونا دوليا يجرمها ويعاقب عليها. ويضع الإجراءات الخاصة لمتابعتها والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها، وذلك نظرا لخطورتها على الأمن والسلام العالمي.


-----------------

تعليقات