مقدمة :
يعرف العالم اليوم ثورة كبيرة في ميدان الاتصالات أو ما يسمى بثورة المعلوميات والتي شملت مختلف مناحي الحياة، سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، ولعل السبب الرئيسي وراء اندلاع هذه الثورة الذكية هو ظهور الأنترنيت وما صاحبه من تطور على كافة الأصعدة هذا الأخير الذي ساهم في تحويل مجموعة من الخدمات التي كانت تتم تقليديا إلى خدمات تتم عبر وسائط إلكترونية لها مزايا أفضل وبأبخس الجهود.
وتعتبر التجارة الإلكترونية وليدة لهذا التطور المعلوماتي وذلك لمجموعة من الخصائص التي تتميز بها التجارة الإلكترونية وتجد لها انسجاما مرموقا مع خصوصيات الرقمنة والتي تبقى من أبرزها عنصر السرعة في إجراء المعاملات التجارية، ذلك أن انتقال المعلومات وإمكانية الاتصال والتعامل المباشر وتقديم الخدمات الإلكترونية بطرق سلسلة يعد من ركائز ثورة الاتصال والمعلوميات.
إلا أنه ورغم المزايا المهمة التي باتت تحققها التجارة الإلكترونية في العصر الحديث مسايرة منها للتطور التكنولوجي الذي يمر به العالم اليوم فإنها تتخبط في مجموعة من المشاكل التي أثارت نقاشا واسعا بين عموم المهتمين بهذا المجال.
ويتعلق الأمر بمسألة الإثبات التي تعد من أهم المعوقات التي تواجه التجارة الإلكترونية وتطورها، فهذا النشاط الاقتصادي الهام يقوم التقاء الإيجاب بالقبول في محيط إلكتروني مبني على تبادل البيانات الإلكترونية في عالم لا يعمل بالمستندات الورقية والمشرع المغربي في بداية الأمر نجده تعامل مع الأدلة الكتابية في قانون الالتزامات والعقود بنظرة تقليدية صرفة؛ بمعنى عدم الاعتداد بحجيتها حيث نص على أن تكون بخط اليد والتوقيع البدوي، ليتجاوز ذلك فيما بعد مع صدور قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية حيث سوى بين المحررات الكتابية التقليدية والمحررات الإلكترونية الحديثة في الإثبات.
وارتباطا بتطور قاعدة الإثبات في ميدان عقود التجارة الإلكترونية خلال العصر الحديث ظهرت مصطلحات ومفاهيم جديدة لم تكن معروفة من قبل، ويتعلق الأمر بالمحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني التي هي محور موضوع دراستنا، كأدوات لإثبات المعاملات التي تتم عبر الأنترنيت بعدما أن كانت تجرى ورقيا، مما يشكل تطورا حاسما في الأدلة الكتابية كوسيلة إثبات حقوق والتزامات ذويها، وهذا ما يتماسى مع القاعدة التي تقضي بأن الإنسان ليس في وسعه أن ينتزع حقن بنفسه بل عليه اللجوء إلى مؤسسة القضاء.
ويحظى موضوع إثبات عقد التجارة الإلكترونية بأهمية بالغة على المستوى النظري ويتجلى ذلك في كثرة الأقلام الفقهية وعموم الباحثين التي تنشط في هذا المجال الذي أصبح خصبا بامتياز، هذا فضلا عن الأهمية العملية التي تنبثق من كثرة الاشكالات التي تعرفها التجارة الالكترونية، لكونها تتم في عالم خاص تسوده تكنولوجيا الرقمة يصعب إدراك خباياها من لدن المستهلكين الضعفاء أمام براعة التجار الخبراء فيهذا المجال، مما يجعل مسألة إثباتها أمرا في غاية الصعوبة رغم إعمال المشرع المغربي لمبدأ حرية الإثبات في المجال التجاري.
وإذا سلمنا بأن التكنولوجيا الحديثة قد أثرت على ميدان إثبات عقد التجارة الإلكترونية، فإن الإشكال المطروح في هذا الإطار يتمحور حول: قيمة وحجية المحررات والتوقيع الإلكترونيين وما مدى إمكانية اعتبارهما حججا معتد بهما في إثبات عقد التجارة الإلكترونية ؟
ومن أجل سلب الغموض والإجابة عن هذه الإشكالية ارتأينا اقتراح التصميم التالي:
المبحث الأول: وسائل إثبات عقد التجارة الإلكترونية
المبحث الثاني: حجية المحرر والتوقيع الإلكترونيين في إثبات عقد التجارة الإلكترونية
بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص
حول موضوع :
الإثبات في التجارة الإلكترونية
من إعداد الطلبة الباحثين :
- حمزة حمي - عبدالرحمان سنكو
- اشرف عناب - عبدالهادي بيصر
- ايمان بنعكشة - منير عكشة
- عبدالواحد الحموشي - رضوان الحنكوري
تحت إشراف الدكتور : هشام الادريسي العزوزي
السنة الجامعية : 2020 - 2021
-------------
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يهمنا