القائمة الرئيسية

الصفحات

الطلبات الاستعطافية المقدمة لإدارة الضرائب


مقالة في موضوع :

الطلبات الاستعطافية المقدمة لإدارة الضرائب

من اعداد الطالب الباحث : حمزة قسمان

موظف دولة



 يعرف النزاع الجبائي بأنه مجموعة من الأساليب القانونية التي يتم بمقتضاها فض النزاعات التي تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الإدارة على الملزم [1] وتعتبر المنازعة الضريبية أو الجبائي مجموعة من القواعد الشكلية والموضوعية التي تطبق على الخلافات الناشئة عن عملية ربط وتحصيل الضريبة والرسوم التي في حكمها بين الإدارة والملزم بمناسبة الطعن الإداري والقضائي[2].


كما تصنف النزاعات الضريبية إلى:


 نزاعات في الوعاء Contentieux de l’assiette


   ونزاعات في التحصيل Contentieux de recouvrement  


والنزاع الضريبي عموما هو: ذلك الخلاف القائم بين الإدارة الضريبية والملزم كيفما كان نوعه إذ يدفع فيه كل طرف بموقف متعارض مع موقع الطرف الأخر بوثائق تبوثي أمام جهاز قضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي وملزم.


ويبقى القضاء جهة الحسم النهائية في فض المنازعة الضريبية التي لا يمكن أن يلجأ إليها الملزم إلا بعد أن يستنفد المرحلة التمهيدية أي الإدارية سواء حينما يتقدم بمطالبته أمام الإدارة الضريبية، ولم يرضه قرارها آو عندما لم تجبه هذه الأخيرة عن مطالبته خلال الآجال المحددة. 


كما يمكن القول إن لكل ملزم ينازع في الوفاء الذي اعتمد عليه لفرض الضريبة، أو في طريقة احتسابها إمكانية تقديم مطالبة أمام الإدارة الضريبية. كما أنه مراعاة للظروف الاقتصادية لبعض الملزمين أقر التشريع الضريبي المغربي لهم إمكانية تقديم تظلمات استعطافية قبل نقل النزاع الضريبي للجان المحلية لتقدير الضريبة وأخيرا اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية.


والإدارة الضريبية تختلف باختلاف الاختصاص أو الوظيفة التي تقوم بها، فقد تعني مديرية الضرائب فيما يتعلق بعمليات تحديد وعاء الضرائب وتصفيتها وتحصيل بعضها، والخزينة العامة فيما يتعلق بعملية تحصيل الضرائب التي لا تتكلف المديرية العامة للضرائب بتحصيلها، كما قد تعني إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة فيما يرتبط بالمنازعات التي تنشأ عند ارتكاب المكلفين مخالفات للمقتضيات القانونية أو التنظيمية المنصوص عليها في التشريع الجمركي.



وبفضل ما تتمتع به الإدارة الضريبية من امتيازات وسلطات، فإنها تكون في غالب الأحيان في موقف المدعى عليه القوي، بينما يقف المكلف في موقف المدعي الضعيف.


وهذا ما حدا بالمشرع المغربي إلى سن مجموعة من الضمانات تفتح للمكلف أبوابا للطعن الإداري والقضائي حتى يوازي الامتيازات والسلطات التي تتوفر عليها الإدارة الضريبية.[3]


و من خصوصيات المنازعة أنها تمر على مراحل، أي أنها لا ترفع مبدئيا إلى القضاء  بل لابد من المرور من مرحلة الطعن الإداري آو أمام اللجان الضريبية حسب الحالات، فتقديم طلب النزاع أمام الإدارة الضريبية في مجال منازعات الوعاء الضريبي، إجراء إلزامي  قبل نشر الخلاف أمام أنظار القضاء  الإداري  و خاصة المحاكم الإدارية التي تختص في تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالانتخابات و الضرائب  و نزع الملكية لأجل المنفعة، آو البث في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة [4]


ولدراسة هذا الموضوع سنعمل تعريف الطلبات الاستعطافية في المطلب الأول على أن نخصص المطلب الثاني لأنواعها والمسطرة المتبعة.


المطلب الأول: الطلبات الاستعطافية:


يحق لأي خاضع للضريبة بأن يتقدم بتظلم استعطافي أمام الإدارة الضريبية، سواء قبل كل منازعة إدارية أو قضائية أو بعدهما، من أجل استعطاف الإدارة التي تتمتع بسلطة تقديرية واسعة، ومخاطبة الجانب الإنساني والاجتماعي للمسؤولين بهدف التماس طرح بعض الجزاءات أو الغرامات التي أصبحت واجبة عليهم بسبب خرقهم لمقتضى قانوني معين.


  الفقرة الأولى: تعريف الطلبات الاستعطافية:


تنص المادة 122 من مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي: يمكن للوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوضه لذلك، بناء على طلب الملزم واعتبارا للظروف المثارة، أن يمنح إعفاء أو تحفيض من الزيادة في التأخير وصوائر التحصيل المنصوص عليها في المواد 21 و90 و91.


كما تنص المادة 236 من المدونة العامة للضرائب على ما يلي "... يجوز للوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض أن يسمح بناء على طلب الخاضع للضريبة ومراعاة للظروف المستند إليها بالإعفاء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والذعائر المقررة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل.


فباستقرائنا لهاتين المادتين يتضح على أنه يمكن للخاضع للضريبة بأن يتقدم بطلب استعطافي لا ينازع من خلاله في أساس الضريبة أو مبلغها أو إجراءات تحصيلها؛ وإنما يلتمس من الإدارة الضريبية إعفاءه كليا أو جزئيا من الزيادات والغرامات والذعائر المفروضة عليه، وذلك نظرا لظروف خاصة مرتبطة بوضعيته المادية بكونه غير قادر على أداء توابع الضريبة.


فهذا النوع من الطلبات هو بمثابة مسطرة خاصة تظل مفتوحة في وجه جميع الخاضعين للضريبة سواء قبل رفع النزاع في موضوعها أمام جهة إدارية أو قضائية أو بعده، و لا يتقيد فيها بأجل أو شكليات محددة، لأنها تهدف بالأساس إلى كسب ثقة وعطف المسؤولين والأخذ في الاعتبار الظروف الشخصية والمالية للملزم[5]


ومعلوم أن الطلب الاستعطافي لا يترتب عنه وقف إجراءات التنفيذ ضد المشتكي غير أنه من المفيد له دائما أن يخبر بكيفية موازية القابض أو محصل المرسم بإقدامه على رفع التظلم الاستعطافي للإدارة الضريبية.[6]


فالملزم الذي يريد أو يسعى إلى الحصول على عطف الإدارة يمكنه أن يقدم شخصيا طلبا استعطافيا(أولا)، كما يمكن تقديمه من طرف القابض المكلف بالاستخلاص تانيا وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني.


المطلب الثاني: أنواع الطلبات الاستعطافية:


الفقرة الأولى: الطلبات الاستعطافية


أ ) الطلب الاستعطافي المقدم من قبل الملزم.


يمكن للملزم سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا أن يتقدم بطلب استعطافي إلى الإدارة الضريبية بهدف إبرائه الجزئي من الدين أو تأجيل دفع الضريبة أو تقسيمها، كما يمكن للوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك الإبراء أو التخفيف من العلاوات والغرامات والذعائر وهو ما تم تقريره في النصوص التشريعية الجاري بها العمل (المادة 236 البند الثاني من المدونة العامة للضرائب ،ثم المادة 162 من قانون جبايات الجماعات المحلية[7]).


فإن الطلبات الاستعطافية تعتبر من أهم التظلمات التي تستقبلها الإدارة الضريبية. ولا سيما في دول العالم الثالث، نظرا للظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان وارتفاع معدلات الفقر والتضخم، الشيء الذي جعل القوانين الضريبية توليها اهتماما خاصا.


ب ) الطلب المقدم من قبل القابض.


لقد حمل قانون 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية المسؤولية للمحاسبين المكلفين بالتحصيل إذا تركوا أجل التقادم يمر دون القيام بإجراء التحصيل أو إذا شرعوا فيها ثم تخلوا عنها إلى أن تقادمت الديون (المادة 125 من م.ت.د.ع)، فيتحملون من مالهم الخاص دفع المبالغ غير المحصلة إذا وصل عليها أجل التقادم.


فالأصل أن المبالغ التي تؤدى لفائدة الدولة سواء من مصدر جبائي أو غير جبائي، يجب أن تدفع، ولا يمكن للموظفين الذين ينوبون عن الإدارة أن يتنازلوا عن شيء منها لفائدة الأفراد والهيئات الخاصة، لأن هؤلاء الموظفين ليسوا إلا وكلاء عن الإدارة، ولا يحق لهم التنازل عن شيء من الحقوق مثل بقية المتصرفين باسم غيرهم ويمكن للمحاسبين دفع هذه المسؤولية من خلال تقديم طلب استعطافي يلتمسون فيه ذلك، وقد نصت المادة 126 من مدونة التحصيل على أنه “إذا لم تفض جميع طرق التنفيذ على أموال المدين وعند الاقتضاء على شخصه إلى تحصيل الديون العمومية، يقترح إلغاء هذه الأخيرة بمبادرة من المحاسب المكلف بالتحصيل“.


كما نصت المادة 126 من مدونة التحصيل على شكليات الطلب الاستعطافي في هذه الحالة حيث قررت ضرورة إرفاق الطلب بالوثائق والشواهد التي تتبث غياب الملزم المعني، أو شهادة الوفاة، إذا كان متوفى وشهادة العوز أو الاحتياج. ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذا الإعفاء يخول لمدة سنة واحدة. ويبقى الملزم مدينا بالمبلغ طيلة المدة القانونية قبل حلول آجل تقادم الضريبة، ويمكن للقابض أن يستخلصه منه إذا تحسنت وضعيته المالية. كما قد يكون الهدف من طلب الإعفاء من المسؤولية التي قد ينتج عنها إعفاء المحاسب بتقديم طلب الإعفاء أو تقديم طلب تنزيل مبلغ الضريبة أو تقديمه للطلب دون وثائق وشواهد تسوغ استحالة التحصيل حتى حلول أجل التقادم


الفقرة الثانية :  إجراءات تقديم استعطاف :


أ ) مضمون الطلب الاستعطافي.


يهدف الطلب الاستعطافي إلى الإبراء الجزئي من الدين أو تأجيل دفع الضريبة أو تقسيمها حسب ما نصت عليه المادة 236 من المدونة العامة للضرائب تم المادة 122 من مدونة التحصيل[8] من خلال منح تخفيض أو عفو كلي  أو جزئي من جزاءات التأخير وصوائر التحصيل، وهو نفس المقتضى نصت عليه المادة 162 من قانون  جبايات الجماعات المحلية .


وفي هذا الصدد نجد انه لا يشترط أي شرط على مستوى الشكل في الطلبات الاستعطافية، حيث يتم كتابتها في ورق عادي غير متنبر بخلاف الطلبات  التي لابد لها من ضوابط.


ولا يوجد نص قانوني يحدد الشروط التي يجب أن تتوفر في الطلب الاستعطافي، وكل ما هناك أنه يجب أن يكون فرديا.


وعموما فإن الطلب الاستعطافي يجب أن يتضمن العناصر الضرورية لمعرفة نوع الضريبة، ورقم قيدها بجدول الضرائب، والمصلحة التي فرضتها، وكل ما يساعد في الوصول إلى الملف الضريبي للملزم، وأن يتضمن المبلغ الذي يلتمس الملزم إعفائه منه.


وبالتالي فالخلاصة التي يمكن الخروج بها هو أن الطلب الاستعطافي لا يتطلب الشروط المفروضة في التظلم.


ب‌)                     أجل الطلب الاستعطافي.


نظرا لطبيعة الطلب الاستعطافي. فإن القانون لم يقرن هذه المسطرة بأي أجل إذ يمكن للملزم بالضريبة في أي مرحلة من مراحل مسطرة التضريب أن يعبر عن رغبته في استعطاف إدارة الضرائب لتمتعيه بالإعفاء الكلي أو الجزئي من الغرامات وفوائد التأخير، ويمكن تقديم الطلب الاستعطافي كذلك حتى ولو تم أداء الدين الضريبي من طرف الملزم. ولابد من الإشارة هنا، أن تقديم الطلب الاستعطافي لا يؤدي إلى إيقاف تحصيل الدين الضريبي. 


تانيا: التحقيق وإصدار القرار بخصوص طلبات الاستعطاف


سنحاول التطرق لمرحلة التحقيق ثم لمرحلة إصدار قرار إدارة الضرائب.  


أ ) مرحلة التحقيق. 


حينما تتوصل الإدارة الضريبية بالطلبات الاستعطافية فإنه يتم تقسيمها إلى نوعين: 


النوع الأول يهم الأشخاص الطبيعيين.


النوع الثاني يهم الأشخاص المعنويين.


فبخصوص النوع الأول، فإن التحقيق يهتم خاصة بالحالة الاجتماعية والاقتصادية للملزم كعمره ومهنته والحالة العائلية والمالية له ولباقي أفراد العائلة الذين يقيمون معه، ودخلهم الشهري.


أما بخصوص الأشخاص المعنوية، فإنه بالإضافة إلى معرفة الحالة الاجتماعية والاقتصادية لأصحاب الشركة، هناك الملف المحاسبي للشركة وكل ما يمكن أن يكشف عن الوضعية المالية الحقيقية للشركة، وعلى المفتش أن يكون له معرفة دقيقة بالنظام القانوني للشركة كشكلها الاجتماعي ووضعية المدراء المسيرين… ووضعها المالي هل سلبي أو إيجابي ورقم المعاملات والأرباح التي حققتها خلال آخر سنة محاسبية والقيمة المالية لأصول الشركة والديون المتراكمة عليها.


ب ) إصدار القرار.


يجب التذكير أن البت في الطلبات الاستعطافية يدخل في إطار السلطة التقديرية للإدارة الضريبية، فقد تصدر قرارا في شأنها إما بقبول الطلب فتخفض مبلغ الضريبة أو الجزاءات المرتبطة بها كليا أو جزئيا. وإما برفض الطلب، وفي كل هذه الحالات فهي ليست ملزمة بتعليل قراراتها.


وهكذا فقد يتصور في هذه الحالة أن يكون مستندا إلى ظروف مادية عسيرة حقيقية فيصدم طلبه، رغم المبررات التي احتج بها. برفض غير مبرر من قبل السلطة المختصة (مدير ضرائب وزير المالية، الخازن العام…) فتثار هنا مشكلة ترتبط بمصير القرار الذي أصدرته الإدارة الضريبية. فهل يمكن للملزم أن يطعن فيه أمام القضاء، أم أنه قرار محصن ضد أي مراقبة قضائية؟ وقد اعتبر جانب من الفقه: أن التظلم الاستعطافي لا يفتح مجالا لعرضه على القضاء الإداري وليس شرطا مسبقا للجوء إلى المحاكم الإدارية.


ومن جانب أخر يتم تسوية الطلب الاستعطافي بإبرام صلح أو مصالحة بين الطرفين (الإدارة والملزم) وهو ما تطرق إليه المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود من خلال الفصل 1098 باعتبار الصلح عقد يحسم النزاع.[9]


المطلب التاني: المسطرة المتبعة أمام اللجان الادارية


إن مسألة تحديد الوعاء الضريبي مسالة جوهرية قد ينجر عنها العديد من المشاكل بين المكلف و االدارة الضريبية . فقد لا يتقبل المكلف قيمة الوعاء المحدد و المتخذ كأساس لفرض الضريبة ، كما ان المكلف قد يقدم تصريحات كاذبة أو خاطئة عن وضعيته الضريبية الى االدارة الضريبية ، و بما أن هذه االخيرة من حقها الرقابة الجبائية على المكلف ، ستقوم بإعادة تقدير الوعاء اعتمادا على ما تم اكتشافه في اطار الرقابة الجبائية التي تمارسها على المكلف ، و هو ما قد يكون سببا في قيام المنازعة الضريبية بينهما[10]

 لذاك جعل المشرع المنازعات الضريبية ،والتي كما قلنا أنها ذلك الخلاف بين الملزم و ادارة الضرائب تتم عبر مراحل بمعنى انها لا ترفع ابتداءا الى القضاء بل لا بد لها من مرحلة ادارية بدأت مع الادارة و تنتهي باللجنة الوطنية


وهكذا يجوز لطرفي النزاع في المنازعة الضريبية الطعن في مقرر اللجنة المحلية لدى اللجنة الوطنية بشرط احترام الأجل القانوني المحدد للطعن.


وقد تولى المشرع تحديد تكوين اللجنة الوطنية واختصاصاتها، ومسطرة الطعن أمامها وسير عملها وأثار الطعن أمامها .


 الفقرة الأولى : اختصاصات اللجنة المحلية


أولا : الاختصاص المحلي:


في إطار سياسة تقريب الإدارة من المواطنين ، التي جندت المملكة المغربية كل طاقتها المادية و البشرية لإنجاحها ، يندرج إنشاء الضريبة المحلية و نشرها بشكل متزايد و في أكبر عدد ممكن من العاملات و الأقاليم و يعتبر توسيع الاختصاص المكاني لهذه اللجان بالشكل الذي يجعلها قريبة من المكلفين ضمانة فعلية لهؤلاء من خلال تمكينهم من محاولة حل النزاع في مراحله الأولى أمام الجهاز الأقرب و الأكثر دراية بالخصوصيات الواقعية المحلية.

و في هذا الإطار تنص المادة 225 في بندها الأول على أنه :” تحدث الإدارة لجانا محلية لتقدير الضريبة ، و تحدد مقارها و دائرة اختصاصها “[11]، و بناء على هذا المقتضى صدر مرسوم بتاريخ 30 دجنبر 1987 يقضي بإنشاء لجان محلية في كل عمالة أو إقليم. إلا أن التساؤل الذي يمكن طرحه في هذا المستوى هو هل ما زال التوزيع الذي أقره هذا المرسوم الذي تم وضعه أزيد من 20 سنة خلت مع الواقع الحالي و ما يعرفه من تطورات على عدة مستويات إضافة إلى التعديلات التي يعرفها التقسيم الإداري.

وينعقد  الاختصاص المحلي للجان المحلية بالنظر لمكان فرض الضريبة، أي مكان المقر الاجتماعي بالنسبة للأشخاص المعنوية أو المقر الإقامة الرئيسي للأشخاص الطبيعيين.

 

         تانيا الاختصاص النوعي


فمن حيث اختصاصها النوعي فإن هذه اللجان تبت في النزاعات المعروضة على أنظارها  بإستثناء أن هذا التدخل  لا يشمل كل النزاعات بين الإدارة والملزم فالإدارة لا تتدخل إلا عند الاخلال بمسطرة التصحيح التواجهية مما يعني مخالفته أنه لا يحق لها التدخل بعد انتهاء المواجهة أو خلال مسطرة الفرض التلقائي للضريبة. أي ممنوعة من تفسير المقتضيات القانونية والتنظيمية.


والقانون رقم 47.06 لم يخرج عن ما هو مقرر مبدئيا وذلك بمنع اللجان الضريبية المحلية من البت في المسائل المتعلقة بتفسير النصوص التشريعية والتنظيمية وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 157 على أن اللجان الضريبية يجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية[12]


الفقرة الثانية: اختصاصات اللجنة الوطنية

1.   الاختصاص المحلي للجنة الوطنية


كما يدل على ذلك اسمها، فإن مجال اختصاص اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة يتسع ليشمل مجموع التراب الوطني فهي تنظر في مختلف الطعون الموجهة ضد مقرارت اللجان المحلية لتقدير الضريبة كما أن مقرها محدد بنص قانوني ويوجد بالعاصمة الرباط.


3.               الاختصاص النوعي للجنة الوطنية 


يتمثل الاختصاص في النظر في الطعون التي يقدمها طرفي المنازعة الضريبية الإدارة والملزم ضد مقررات اللجان المحلية غير أنه وكما هو الحال بالنسبة للجنة المحلية يمنع على اللجنة الوطنية النظر في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص قانونية أو تنظيمية وفي هذا الصدد تطرح إشكالية صعوبة التمييز بين المسائل المتعلقة بالواقع والمسائل المتعلقة بالقانون ، وكما سبق وأن اشرنا إلى ذلك في غياب معايير للتمييز بينهما تتعقد مهمة اللجنة الضريبية سواء الوطنية أو المحلية في تقدير مدى شرعية أعمالها إذ يمكن أن تبث في مسائل تتعلق بالقانون معتقدة انها تدخل ضمن اختصاصها او العكس في أن لا تبث في مسائل تدخل في اختصاصها مع العلم أن تدخل في اختصاصها .


ومن الناحية العملية أصدر القضاء الإداري مجموعة من الأحكام تسير في هذا الاتجاه إذ نصت المحكمة الادارية بوجدة في أحد قراراتها بان المقرر فقها وقضاءا أن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة  كلجنة تحكيمية تعتبر من أهم الضمانات الفعلية المخولة للمكلفين وان الغاية من إحداتها منح الملزمين بالضريبة ضمانة إضافية تتمثل في اختيار وتقويم نقط واقعية من شأنها أن تساعد على تحديد أساس الضريبة .


وفي نفس الاتجاه، قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى  في قرار لها بأن ” المشرع حصر اختصاص اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة في المسائل الواقعية المتعلقة بتقدير العناصر التي تدخل في تكوين أساس الضريبة ويمكنها في هذا الإطار مراقبة تطبيق النصوص القانونية الواضحة للتوصل إلى تحديد أساس الضريبة فلا تكون مختصة في حالة غموض النص أو عندما  يتعلق الأمر بمسألة الضريبة ، فلا تكون مختصة في حالة غموض النص أو عندما يتعلق الأمر بمسألة إجرائية منفصلة عن تحديد أساس الضريبة مثل مراعاة مفتش الضرائب الأجل الذي يجب أن يعطي للملزم قبل الانتقال لمراقبة الوثائق المحاسبية“.


ويتضح من هذا القرار أن اختصاص اللجنة الوطنية في النزاع الضريبي يشتمل جميع نقط النزاع إلا ما يتعلق منه بمسائل قانونية أو إعطاء تفسير لنص قانوني في حالة غموض إذ يجب على اللجنة أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي يرى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية او تنظيمية .


4.               اللجنة الوطنية كلجنة استئناف      


تنص الفقرة الأولى من المادة 226 من المدونة العامة للضرائب على أنه ” تحدث لجان دائمة تسمى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ترفع إليها الطعون في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية…“.


وما تجب الإشارة إليه أنه في إطار المادة السابقة لم يقم المشرع بربط إمكانية استئناف مقررات اللجان المحلية أمام اللجنة الوطنية بقيمة الأسس الضريبية التي تم تحديدها في مقرر اللجنة المحلية عكس ما كان معمول به في إطار اللجنة المركزية حيث لم يكن يسمح بتقديم طعن ضد مقرر اللجنة المحلية إلا إذا كانت الأسس المقترحة من طرف هذا الاخير تتجاوز سقفا بالنسبة أو تقل عن سقف أدنى بالنسبة للإدارة.و هنا لا يجب الخلط بين قيمة الاسس الضريبية المحددة من طرف اللجنة المحلية ومبلغ أصل الحقوق في الضريبة على الدخل بخصوص الارباح العقارية


لذلك وفي إطار اللجنة الوطنية أصبح حق استئناف مقررات اللجان المحلية مفتوحا في وجه طرفي النزاع وكيفما كان الأساس الضريبي المعلن عنه في مقرر اللجنة شريطة احترام مسطرة رفع النزاع إلى اللجنة الوطنية.


وتباشر اللجنة الوطنية اختصاصاها كلجنة استئناف حيث بها في الطعون الموجهة ضد المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لكن يجب التمييز بين حالتين:


·         حالة ما إذا كان المقرر يبت في موضوع النزاع أي الأساس الضريبي المتنازع حوله ففي هذه الحالة تمارس اللجنة الوطنية اختصاصا استئنافيا محضا لأنها تبت في رأي اللجنة المحلية بخصوص الضريبة؛ 


·         حالة ما إذا كان مقرر اللجنة المحلية يقضي بعدم الاختصاص ففي هذه الحالة تمارس اللجنة الوطنية اختصاصها بوصفها لجنة استئناف عند بتها في رأي اللجنة المحلية المعبر عنه في المقرر – أي عدم الاختصاص – إلا انه إذا تبين لها ان الموضوع يتعلق بمسائل واقعية وليس قانونية كما اعتقدت اللجنة المحلية فإنها في هذه الحالة تبت في النزاع وتكون إذاك بمثابة لجنة  ابتدائية واستئنافية في نفس الوقت.[13]




[1] مصطفى التراب'' المحاكم الإدارية والصعوبات المثارة على مستوى التطبيق  في ميدان المنازعات الجبائية'' المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعةـ عدد 4/1996

[2]القضائية توفيق عمروشي المنازعات الجبائية خلال المرحلة مقال منشور بموقع www. https://boubidi.blogspot.com/ بتاريخ 11/05/2019.

[3] المنازعات الضريبية مقال منشور بموقع https://www.droitfonc.com/

[4] 1 عبد القادر تيعلاتي : النزاع الضريبي في التشريع المغربي. دار النشر المغربية طبعة 2007.

[5] دزاكيس حميد، المنازعات الضريبية في مجال التحصيل رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق الدار البيضاء الموسم الجامعي 1998-1999 ص 41.

[6] خصائص الطلبات الاستعطافية العادية  في المنازعات الجبائية مقال منشور بموقع https://www.startimes.com/

[7] المادة 162 من قانون جبايات الجماعات المحلية’’ يجوز للسلطة الحكومية المكلفة بالمالية أو السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أو األشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض أن يسمحوا بناء على طلب الملزم ومراعاة للظروف المستند إليها باإلبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والذعائر وباقي الجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون.’’

[8] يمكن للوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوضه لذلك، بناء على طلب الملزم واعتبارا للظروف المثارة، أن يمنح إعفاء أو تخفيضا من الزيادة عن التأخير وصوائر التحصيل المنصوص عليھا في المواد 21 و 25 مكرر و 90 و 91 أعX

[9] الفصل 1098 من ق ل ع '' قيامه، وذلك بتنازل كل 328 الصلح عقد، بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان منهما لآلخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائه ماال معينا أو حقا

[10] المنازعات الضريبية جامعة سيدي بلعباس كلية الحقوق و العلوم السياسية 91 مارس 9191 " مطبوعة بيداغوجية بعنوان

[11] المدونة العامة للضرائب 2022

[12] عبد العزيز امبخرة , “المنازعات في الجبايات المحلية “رسالة لنيل شهادة الماستر في قانون المنازعات , بجامعة المولى أسماعيل ب مكناس , سنة 2007/2008. صفحة 59 .

[13] المنازعات الضريبية مقال منشور بموقع https://www.droitfonc.com/

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. سلام اخي قمت بكتابة استعطاف لإدارة الجمارك للاسف قبل برفض بحجة المبلغ 741ملون وحكم عن ابني سنة نافدة وذخل في الإكراه البذني

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقك يهمنا