القائمة الرئيسية

الصفحات

الفرق بين القاعدة القانونية الآمرة والقاعدة القانونية المكملة


 
تمهيد :

لا يتخذ المشرع منهجا موحدأ يسير عليه في طريقة تنظيمه لسلوك الأفراد داخل المجتمع، فهو أحيانا ينتهج أسلوب القسر والإجبار بحيث يفرض على الأفراد قواعد معينة لا يستطيعون مخالفتها أو الخروج عليها، وتسمى هذه القواعد ب "القواعد الآمرة" 

 
 بينما ينتهج في أحيان أخرى أسلوب السعة والاختيار فيترك للأفراد مطلق الحرية في تنظيم بعض مسائلهم بما يتعارض مع ما ينص عليه القانون، وتسمى القواعد التي يحق للأفراد استبعاد تطبيقها عليهم ب "القواعد المكملة".

- القواعد الآمرة :

يقصد بالقواعد الآمرة تلك القواعد التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها نظرأ لاتصالها الوثيق بالمصالح الأساسية في المجتمع، وبالتالي لا يسمح المشرع للأفراد أن يخرجوا عليها.

ولتوضيح المراد من القواعد الآمرة نقرر بأن المشرع قد يرى سلوكأ معينا ضروري لحفظ النظام داخل المجتمع، وأن عدم اتباع هذا السلوك من شأنه أن يشيع الفوضى والاضطراب بين الأفراد، لذلك يلجأ إلى صياغة بعض القواعد القانونية في شكل الأوامر والنواهي التي لا يستطيع الأفراد أن يتفقوا على ما يخالفها وإلا كانت اتفاقاتهم باطلة، وبذلك يضمن المشرع القدر الأدنى من حفظ النظام في حياة الجماعة.

والامثلة على القواعد الآمرة كثيرة، يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: القواعد تحرم الاعتداء على جسم الغير أو ماله أو شرفه وعرضه، والقواعد التي تفرض الضرائب والرسوم على الأفراد، والقواعد التي تلزم أبناء الوطن بأداء الخدمة العسكرية، وتلك التي تضع حدأ أدنى لأجور العمال وحداًً أقصى لساعات العمل، والقواعد التي تحرم الاتفاقات الخاصة بالمقامرة أو الرهان، كذلك القواعد التي تمس كيان الأسرة، كالمسائل المتعلقة بتحديد شروط الزواج من حيث سن الزواج وانتفاء الموانع الشرعية، وكذلك الآثار المترتبة عليه مثل إثبات النسب وتقرير النفقة وحق الحضانة، فضلا عن الطلاق وكل ما يتصل به من أحكام. كل هذه القواعد تعتبر آمرة لا يجوز مخالفتها حتى ولو نبعت المخالفة عن اتفاق بين ذوي المصالح.

 - القواعد المكملة :

ويراد بالقواعد المكملة تلك القواعد التي يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها نظرأ لعدم اتصالها المباشر بالمصالح الأساسية في المجتمع، وبالتالي يسمح المشرع لهم بأن يخرجوا عليها.

وللمزيد من التوضيح لمفهوم القواعد المكلمة نقول بأن المشرع قد يرى من المسائل ما لا يبلغ درجة كبيرة من الأهمية، وبما لا يخل بحفظ الأمن والنظام داخل المجتمع، ولذلك نجده يترك للأفراد الحرية المطلقة في الاتفاق على ما يرتضونه وفقا لرغباتهم ومصالحهم الخاصة، وفي هذا الصدد يلجأ المشرع إلى صياغة بعض القواعد القانونية في شكل اختياري بحيث يضع تنظيما نموذجيا للأفراد، يكون لهم الحق في اتباعه أو مخالفته.

ومن أمثلة القواعد القانونية المكملة : القاعدة التي تنص على أن يكون الثمن مستحق الوفاء مكان ووقت تسليم المبيع (المواد ٤٥٦ و ٤٥٧ من القانون المدني) ، إذ قد يتفق المشتري مع البائع على أن يدفع الأول الثمن الشيء المباع وقت تسلمه المبيع، وبذلك يكونا عملا بموجب ما نص عليه القانون، أو قد يتفق المشتري مع البائع على أن يدفع الثمن في ميعاد سابق أو لاحق على تسليمه المبيع مخالفأ بذلك حكم القانون.


أيضا تعتبر من القواعد المكملة تلك القاعدة التي تضع على عاتق المؤجر القيام بالترميمات الضرورية في العين المؤجرة خلال مدة عقد الإيجار (المادة ٥٦٧ من القانون المدني) ، فعلى خلاف هذه القاعدة قد يتفق المؤجر مع المستأجر على أن نفقات الترميمات الضرورية في العين المؤجرة تقع عاتق المستأجر، ولكن إذا سكت أطراف العقد عن التعرض لهذا الموضوع، التزم المؤجر به طبقا لنص القانون.

تعليقات